فشلت محادثات وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في موسكو أمس في تقريب وجهات نظر الطرفين حيال خطط نشر درع صاروخية أميركية في أوروبا. وفي حين دعت واشنطنموسكو إلى التعاون في هذا المجال، تمسكت روسيا بموقفها الذي يرى في الخطة الأميركية "تهديداً للأمن والاستقرار في أوروبا والعالم". وأجرى غيتس محادثات مطولة مع الرئيس فلاديمير بوتين ووزير دفاعه اناتولي سيردوكوف، اعتبرتها اوساط روسية"بناءة وناجحة"باعتيار أنها جاءت بعد سجالات ساخنة بين الطرفين، وركزت على"الحوار المباشر حول القضايا الخلافية"بحسب مصدر في الكرملن. وأعرب بوتين عن ارتياحه"لافتتاح موسم سياسي مفعم بالاتصالات واللقاءات في العلاقات الروسية - الأميركية"، وأشار إلى الزيارة المرتقبة لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى موسكو، واللقاءات الثنائية في إطار مجلس"روسيا - الاطلسي". أما غيتس، فأكد أن الاتصالات بين الطرفين تؤكد أهمية علاقاتهما، والتي شدد على ضرورة تطويرها على أساس التكافؤ والاحترام المتبادل. وسعى المسؤول الأميركي خلال اللقاءات الى اقناع موسكو بأن الدرع الصاروخية"لا تشكل خطراً على روسيا، وليست موجهة ضد دول في المنطقة"، معتبراً ان"منظومة الدرع المضادة للصواريخ التي ننوي تطويرها في أوروبا لن توجه ضد روسيا أو أي دولة أخرى". وأضاف:"هذه المنظومة موجهة ضد المعتدين المحتملين في الشرق الأوسط وآسيا والذين يستطيع قادتهم استخدام الصواريخ البالستية لممارسة أعمال ابتزاز وتهويل وتهديد ضد أوروبا والولايات المتحدة وإحداث فوضى". ودعا غيتس باسم بلاده روسيا إلى المشاركة في مشروع الدفاع الاستراتيجي الأميركي المضاد للصواريخ، مشيراً الى ان موسكو دعيت للانضمام إلى البرنامج"كشريك". وأضاف بعد لقائه نظيره الروسي أن خبراء الوزارتين سيواصلون بعد المحادثات مشاورات في شأن قضايا الدفاع المضاد للصواريخ والمسائل الأخرى التي تحظى بالاهتمام المشترك. لكن موسكو تمسكت بموقفها الرافض للخطة الأميركية ووصف وزير الدفاع الروسي اناتولي سيرديوكوف نشر المنظومة الأميركية للدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا بأنه"عامل خطير لزعزعة الاستقرار". وقال إن روسيا ترى أن خطورة الخطة لا تقتصر على تهديد الأمن الإقليمي الأوروبي، بل تتجاوزها لتهدد بزعزعة الامن والاستقرار الدوليين. وإضافة الى ملف الدرع الصاروخية تناولت محادثات غيتس في العاصمة الروسية ملفات خلافية اخرى، من بينها مسألة الحد من الأسلحة في أوروبا. وأعلن وزير الدفاع الروسي انه أطلع الاميركيين على المشاكلپالتي ترتبط بتنفيذ معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية، وان فريقاً من الخبراء كلف بمتابعة دراسة الملف، علماً أن موسكو انتقدت"تسرع حلف الأطلسي في ضم دول اوروبية شرقية لم توقع على المعاهدة". وأعلن سيرديوكوف أن الطرفين ناقشا أيضاً آفاق إعداد اتفاقية جديدة في مجال الحد من الأسلحة الإستراتيجية. في غضون ذلك أعلن في موسكو أمس ان وزير الخارجية سيرغي لافروف بدأ امس جولة يلتقي خلالها مع ثلاثي الاتحاد الأوروبي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في لوكسمبورغ، ويشارك في اجتماع مجلس وزراء خارجية بلدان رابطة الدول المستقلة في أستانة واجتماع مجلس روسيا الاطلسي في أوسلو. وتركز المحادثات الروسية - الاوروبية على مفاوضات توقيع اتفاقية التعاون التي من المفروض أن تحل محل اتفاقية الشراكة والتعاون بين روسيا والاتحاد الأوروبي، علماً أن مدة الاتفاقية السارية حالياً تنتهي مطلع كانون الأول ديسمبر المقبل. كما يبحث الجانبان تحضيرات قمة روسيا الاتحاد الأوروبي التي تستضيفها مدينة سامارا الروسية الشهر المقبل. وقال مسؤول في الخارجية الروسية ان البحث سيتطرق الى التسوية في كوسوفو والبرنامج النووي الإيراني والوضع في العراق وأفغانستان. التجارب الصينية على صعيد آخر، أكد تقرير نشرته صحيفة"نيويورك تايمز"امس أن الإدارة الأميركية لزمت الصمت بعدما علمت بتجربة صاروخية صينية رأت فيها واشنطن تهديداً لأقمارها الاصطناعية. وفي كانون الثاني يناير الماضي، انتقدت الإدارة الأميركية تحطم صاروخ اعتراضي في قمر استهدفه، واعتبرت الاختبار مخلاً باستقرار دول الجوار. وشكلت التجربة أول اختبار ناجح على صاروخ مضاد للأقمار الاصطناعية تجريه دولة منذ 20 سنة. وحذر مسؤولون في البنتاغون من أن الاختبار زاد التهديدات للأقمار الاصطناعية الأميركية. وأبدى خبراء في علم الفضاء قلقاً من غمامة الفضلات التي خلفها الصاروخ. واشتكى الديبلوماسيون الأميركيون في بكين من الأمر إلى نظرائهم الصينيين. لكن ما لم تعلنه الإدارة الأميركية هو أنها كانت على علم بأن الصين كانت تستعد لإطلاق أسلحتها المضادة للأقمار الاصطناعية. وأصدرت وكالات الاستخبارات الأميركية بيانات تحذر من التحضيرات هذه، والتي جرت في تسهيلات سونغلين. ودار سجال على مستوى رفيع بين مسؤولين في الإدارة الأميركية حول طريقة الرد على التجربة الصينية وطريقة الاحتجاج عليها، لكنهم عادوا وقرروا أن يلزموا الصمت إلى ما بعد الاختبار. وبعد ثلاثة شهور على التجربة الصينية، دار سجال جديد حول ما إذا كانت الادارة تعاملت في شكل مناسب مع الأزمة، أو إذا كانت فوتت فرصة ثني بكين عن ولوج مرحلة جديدة في التسلح.