مفاجأة من العيار الثقيل فجرتها امس نتائج استطلاعين للرأي اجرتهما مؤسسات حيادية في اوساط منتسبي حزب "ليكود" الحاكم وافادت أن غالبيتهم تعارض خطة زعيم الحزب رئيس الوزراء آرييل شارون للفصل عن الفلسطينيين، وذلك قبل ثلاثة ايام من الاستفتاء داخل "ليكود" على الخطة. ودفع هذا الانقلاب في توجه اعضاء الحزب بشارون الى الهرولة الى كل وسائل الاعلام ليتحدث عبرها الى اعضاء حزبه عن الاضرار الجسيمة التي ستلحق باسرائيل على الصعد كافة في حال رفض الحزب خطته، معتبراً التصويت عليها تصويتاً على منحه الثقة، ومتجنباً في الآن ذاته التلويح بالاستقالة اذا حصل اجهاضها. اوقعت نتائج استطلاعين للرأي في اوساط "ليكود" دهشة حقيقية في الساحة الحزبية عموماً وفي حاشية رئيس الوزراء ارييل شارون، اذ لم يتوقع احد ان يفقد رئيس الحكومة الغالبية التي تمتع بها حتى قبل اسبوعين غداة "الوعد" الذي تلقاه من الرئيس جورج بوش واعتبره اكبر انجاز في تاريخ الدولة العبرية. وخلص استطلاع "يديعوت احرونوت" الى ان 47 في المئة من منتسبي "ليكود" يعارضون خطة الانسحاب الاحادي من قطاع غزة ومن عدد من المستوطنات في الضفة الغربية، في مقابل تأييد 39 في المئة، فيما البقية لم تحسم موقفها بعد. ووفقاً لاستطلاع "معاريف" فإن الفارق هو 3 في المئة فقط لمصلحة المعارضين 45 يعارضون و42 يؤيدون. ومع صدور النتائج، عقد شارون اجتماعاً تشاورياً طارئاً لكبار معاونيه لصوغ رسالته الى اعضاء "ليكود" في الساعات ال72 المتبقية على فتح صناديق الاقتراع، وتقرر التركيز على "الابعاد الخطيرة سياسياً وامنياً واقتصادياً لرفض الخطة". وقال في حديث اذاعي ان الرفض سيشكل انتصاراً كبيراً لالرئيس ياسر عرفات وحركة "حماس"، كما سيعكر صفو العلاقات مع الولاياتالمتحدة وسيطيح ليكود عن الحكم "وهذا ما يرجوه اليمين المتطرف". وتابع موجهاً كلامه الى اعضاء ليكود: "لا يجوز ان تكونوا معي وفي الوقت نفسه ضد خطتي. هذا امر غير ممكن. من يثق بي يجب ان يصوت مع خطتي. هكذا فقط يمكنني الوفاء بالتزام تحقيق الامن والسلام". وبعد ان وصف المستوطنين في القطاع ب"الشجعان"، قال ان قطاع غزة لن يكون جزءاً من اسرائيل: "هذا مؤسف لكن ليس بمقدورنا فعل شيء". وزاد ان "ليكود" اذا ما اراد الحفاظ على موقعه في سدة الحكم يتحتم عليه ان يتصرف وفقاً لمصالح غالبية الاسرائيليين حتى اذا مس ذلك بقطاع معين. واتهم شارون اليمين المتطرف بالتآمر لاسقاط حزبه عن الحكم والعمل على تقديم موعد الانتخابات البرلمانية للحيلولة دون طرح اي مبادرة سياسية او اتخاذ قرار: "انهم يروجون الاكاذيب ضدي بفظاظة وسفاهة كلام"، معرباً عن ثقته بأن اعضاء "ليكود" سيصوتون بغالبيتهم مع الخطة: "لا اريد ان اتصور ما قد يحصل في حال حصل عكس ذلك"، رافضاً الاجابة عما سيفعله اذا سقطت خطته في الاستفتاء. وعاود شارون الاشادة بما حققه في لقائه الاخير مع الرئيس جورج بوش: "قريباً سيصادق الكونغرس على رسالة بوش... لتصبح ملزمة وفقاً للدستور الاميركي. فماذا يريدون الآن المعارضون هدم كل شيء؟... ان عدم تمرير الخطة سيعكر علاقاتنا بالولاياتالمتحدة، ولا اريد التفكير بما سيحصل للاقتصاد الاسرائيلي والبورصة. ان ذلك سيمس بمكانة الرئيس الاميركي، احد اكبر اصدقاء اسرائيل... لدينا دولة صديقة تقف الى جانبنا وتحبط قرارات مجلس الامن ضدنا... كل هذه الانجازات ستذهب هباء منثوراً". اجواء سوداوية في مكتب شارون الى ذلك، نقلت اذاعة الجيش الاسرائيلي عن اوساط قريبة من شارون انه جند امس جميع معاونيه للعمل على منع انهيار التأييد لخطته تحسباً لأن تدفع نتائج امس بعدد منهم الى الانضمام الى معسكر المعارضة. وتابعت انه على رغم محاولة شارون بث الانطباع بأنه واثق من قدرته على حشد غالبية اعضاء حزبه لدعم خطته في الاستفتاء، الا ان اجواء سوداوية خيمت امس على مكتبه وانه بات يشعر بأن الخسارة واقعة "بل ان القريبين منه بدأوا بإعداد لائحة اتهام ضد كل من لم يحشد طاقاته لاقناع اعضاء ليكود بدعم الخطة"، في غمز من وزير المال والتعليم بنيامين نتانياهو وليمور لفنات اللذين اعلنا رسمياً تأييدهما الخطة، لكنهما لا ينشطان لإقناع انصارهما بدعمها. من جهته، هب زعيم حزب الوسط "شينوي" تومي لبيد، الشريك في الائتلاف الحكومي، الى اخراج شارون من مأزقه حين بعث اليه برسالة تقول ان نتائج استفتاء "ليكود" غير ملزمة وانه ينبغي اخضاع الخطة الى الاقرار في الحكومة حيث تحظى بغالبية اعضائها، مضيفاً ان "موقف اعضاء ليكود لا يلزم حزب شينوي ولا حكومة اسرائيل". وقال لبيد لاذاعة الجيش انه يرفض وحزبه ان يحدد "ليكود" سياسة الحكومة، فيما لمح بعض اركان شينوي الى امكان فك الشراكة الحكومية مع الحزب اذا حال الاخير دون القبول بالتصويت على "خطة الفصل". الحكومة. وكان شارون اعلن قبل اسبوع ان نتائج استفتاء "ليكود" غير ملزمة وان كانت لها قيمة اخلاقية وان الحكومة والكنيست هما المخولان المصادقة على الخطة او رفضها. لكن الجناح المعارض داخل "ليكود" يرى انه في حال عدم حصول الخطة على تأييد غالبية في الاستفتاء يحظر على شارون طرحها للتصويت في الحكومة او الكنيست.