على رغم اعتبار كبار المعلقين الاسرائيليين في الشؤون الحزبية موافقة رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون على اخضاع خطته لانسحاب من غزة، احادي الجانب لاستفتاء ملزم لأعضاء حزبه "ليكود"، خطوة لامعة اربكت خصومه داخل الحزب وقمعت تمرداً محتملاً في مؤسساته المركزية في حال تفويضها البت في الخطة، الا انهم اعتبروا ان كل شيء ما زال بيد المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز صاحب الكلمة الأخيرة في اعداد لائحة اتهام ضد شارون بالفساد، أو طي الملف. ورأوا ان من شأن الاحتمال الثاني، وسط توقعات بأن تحصل خطة الانسحاب على مصادقة غالبية اعضاء "ليكود"، سيقود الى "حكومة وحدة وطنية" بمشاركة حزب العمل. وادخل قرار اللجنة المركزية ل"ليكود" تفويض اعضاء الحزب المنتسبين رسمياً تقرير مصير خطة الفصل، بناء على توصية شارون، المعلقين في دائرة التكهنات بما ستؤول اليه نتائج التصويت. وبينما اعتبرها بعضهم رهاناً خطيراً من شارون رأى آخرون انها خطوة لا بد منها رأى فيها رئيس الحكومة المخرج الوحيد لتحييد جبهة المعارضة داخل حزبه. لكنهم اتفقوا على القول ان قرار شارون مرتبط بتوصية المدعي العام بتقديمه الى المحاكمة. وكتب أبرز المعلقين في صحيفة "يديعوت احرونوت" ناحوم بارنياع ان شارون اليوم ليس شارون الأمس وان كل قراراته، باستثناء اغتيال الكوادر الفلسطينية يتخذها مكرهاً بعدما فقد الكثير من هيبته. وقال ان شارون يريد اجراء الاستفتاء عشية حسم المستشار القضائي قراره في ملف الفساد المنسوب اليه لادراكه ان انتصاره في الاستفتاء سيخلق اجواء عامة تعقب على المستشار اتخاذ قرار بمحاكمته. وزاد ان ثمة سيناريوات عدة متوقعة، الشهر المقبل الذي سيشهد اجراء الاستطلاع وقرار المستشار، ومنها مثلاً التصديق على الخطة في الاستفتاء واضطرار شارون الى الاستقالة بفعل تقديم لائحة اتهام، وفي هذه الحال فإن بنيامين نتانياهو، خلفه المتوقع، سيكون ملزماً بالخطة التي يعارضها. أو بالعكس ان يسبق قرار المستشار الاستفتاء ليؤثر على النتيجة بشكل حاسم: قرار بتقديم شارون الى المحاكمة سيعني التصويت ضد الانسحاب بينما اغلاق الملف سيأتي بدعم جارف للانسحاب. ويتابع الكاتب متناولاً سيناريو آخر: شارون في واشنطن لا يحصل على مراده "المقابل السياسي" لكن صوره مع الرئيس الاميركي تثلج صدور الاسرائيليين وتمنح خطته تأييداً كبيراً في الاستفتاء، ثم يعلن المستشار اغلاق الملف وهكذا يقتنع وزراء اليمين المعارضون ايضاً بتأييد الخطة والا فزعيم العمل شمعون بيريز جاهز دائماً. ويرى المعلق البارز في "معاريف" ان الانسحاب رهن بقرار مئتي ألف عضو ليكود واثنين هما الرئيس بوش والمستشار مزوز. وقال ان مشروع شارون الكبير يقوم على تحقيق الانتصار في الاستفتاء، وتفادي لائحة اتهام لتمرير خطته في الحكومة والكنيست، وتغيير الحكومة وتشكيل ائتلاف جديد، وإخلاء غزة وبعض المستوطنات في الضفة الغربية و"البقاء حيا بانتظار التطورات في قضية الفساد الأخرى سيريل كيرن". ويرى المراقبون ان شارون حسم أمره بتشكيل حكومة جديدة يحل فيها "العمل" محل الحزبين المتطرفين "الاتحاد القومي" و"مفدال" اللذين التزما الانسحاب من الحكومة غداة اقرارها الانسحاب من غزة. من جهته يعد شارون، وفق ما نقلت اذاعة الجيش الاسرائيلي عن مصادر قريبة منه، لاستبدال عدد من وزراء "ليكود" الحاليين في حال شنوا حملة على خطته. ويبدو أن الكلام موجه أساساً الى وزير الخارجية سلفان شالوم الذي أعلن تحفظه عن الخطة مفضلاً تنفيذ الانسحاب بالاتفاق مع الفلسطينيين، والى الوزراء ليمور لفنات وتساحي هنغبي واسرائيل كاتس وداني نافيه وعوزي لنداو، مستثنياً وزير المال بنيامين نتانياهو الذي يرجح أن يؤيد الخطة بعد حصول شارون على "المقابل السياسي" الذي اشترطه نتانياهو من واشنطن. ولم يصدر بعد تعقيب المهددين بالاستثناء من الحكومة الجديدة في حال تشكيلها، وليس مستبعداً ان يتأنى هؤلاء قبل اعلان تحديهم لشارون منتظرين "اتجاه الريح" في أوساط "ليكود" آخذين في الحسبان ان اعضاء الحزب المؤيدين للخطة قد يعاقبونهم في الانتخابات الداخلية المقبلة. ويبقى الموقف الذي سيتخذه شالوم الأكثر إثارة وهو الذي قد يصعّد معارضته اذا تبين له ان شارون متجه نحو تشكيل حكومة مع "العمل" ستكلفه أي شالوم كرسيه ليخليها لبيريز، اللاهث حسب تعبير النائب العمالي ابراهام بورغ وراء المنصب. الى ذلك أكد استطلاع الرأي في "يديعوت احرونوت" ان نتانياهو يتفوق على سائر أقطاب الحزب من حيث حظوظه لخلافة شارون في حال استقالته، اذ أيده 50 في المئة تلاه وزير الدفاع شاؤول موفاز 20 في المئة ثم ايهود اولمرت 9 فشالوم 7.