كشفت التحقيقات في تفجيرات مدريد في 11 آذار مارس الماضي، ان الاستخبارات الاسبانية كانت تعرف بالخلية التي نفّذت الهجمات بعدما ابلغها إمام مغربي يعمل "مخبراً" باسماء اعضائها. وقُتل في الهجمات التي تبنتها "خلية" مرتبطة بتنظيم "القاعدة"، قرابة مئتي شخص وأصيب المئات. وتفيد معلومات ان الشرطة تسعى الآن بعدما حددت هوية الجزائري علقمة لعماري، الانتحاري السادس الذي فجر نفسه مع رفاقه الذين نفّذوا الهجمات في شقة "ليغانيس" في مدريد، الى كشف مكان وجود خمسة من المشتبه فيهم الفارين. وبينهم اثنان تعتبر انهما لعبا دوراً "مهماً" في شبكة "القاعدة" وشاركا في تنظيم خليتها في مدريد وفي اعتداءات "قطارات الموت"، وهما عامر عزيزي وسعيد براج الملقبان ب"عثمان الاندلسي" و"سعيد ساعي البريد". وكان الجزائري لعماري اعتقل عام 1997 في فالنثيا مع عشرة من رفاقه ودين بالسجن 14 سنة لمشاركته في تنظيم اعتداءات في فرنسا ضد وسائل النقل والمراكز السياحية، واتهم في اسبانيا بالانتماء الى عصابة مسلحة "الجماعة الاسلامية المسلحة" وتزوير جوازات سفر وحيازة سلاح. لكنه استأنف الحكم الذي خُفّض الى تسع سنوات قضى نصفها في السجن وخرج عام 2002. ولم يعد هناك شك لدى أجهزة الأمن انه، الى جانب ربيع عثمان السيد المصري المعتقل منذ 7 حزيران يونيو في ميلانو، "الدماغ المدبر" لاعتداءات مدريد و"أمير الخلية الارهابية" في اسبانيا بعدما كانت تظن ان عزيزي كان "الأمير". وكُشفت هويته بفضل اعترافات شخصين اعتقلا أواخر آب اغسطس الماضي في فالنثيا. وأكد السوري الاصل صفوان صباغ انه ارسل "كتاب صلوات قرآنية" الى لعماري في السجن عثر عليه فيما بعد بين الحطام، كما عثر على بصماته بين الأدلة التي تحتفظ بها الشرطة من منزل "ليغانيس" عددها 217. وتوافق حمضه النووي مع لعاب والديه محمد وتلجه. وتؤكد تقارير المخابرات "انه كان احد مدبري و/أو منفذي اعتداءات مدريد" وانه "تمنى ذلك منذ كان في السجن". وقبل خمسة ايام من تفجير القطارات، عبّرت المخابرات، بتقرير سري، عن قلقها لاختفائه مع خمسة من رفاقه من منطقة "لافابييس" حيث كان يجتمع معظم المتهمين والانتحاريين وطالبت باعتقاله. لكن الشرطة لم تأخذ الأمر بجد لأن اسمه لم يرد بين الذين استعملوا الهواتف النقالة على رغم التوضيح لها انه "لا يستعملها بتاتاً". وكانت الشرطة تلقت تحذيراً عام 2003 من مخبر مغربي "يعمل إماماً" في جامع جنوب العاصمة من احتمال قيام مجموعة متطرفة بعمليات ارهابية ضخمة. واعطاها هذا المخبر اسماء وارقام هواتف نقالة يستعملها بعضهم مثل جمال زوغام معتقل بمدريد و"التونسي" فخيت فجّر نفسه و"المصري"، وحدد لها الاحتياطات الامنية التي يستعملها كل واحد منهم، قائلاً انهم كانوا يجتمعون لمشاهدة أشرطة تسجيل لخطابات "ابو قتادة" ويقررون مكان الاجتماع وزمان "في آخر ساعة" لتفادي مراقبتهم. وتبيّن ان هذا المخبر كان اول من قال ان مصطفى الميموني "ينظم في مدريد مجموعة خطيرة للغاية". والميموني معتقل في المغرب بسبب علاقته المزعومة بانفجارات الدار البيضاء.