الناصرة، القدسالمحتلة - "الحياة" - أعادت القوات الاسرائيلية فجر امس احتلال مدينة جنين، بعدما اقتحمتها بالدبابات والمدرعات وهدمت مقرات الأمن الفلسطيني واعتقلت العشرات. وجاءت الخطوة الاسرائيلية بعد ساعات قليلة من فشل مساعد وزير الخارجية الاميركي ويليام بيرنز من اقناع قادة الدولة العبرية ب"خريطة الطريق" التي حملها معه الى المنطقة لإيجاد صيغة حل، على مراحل، للأزمة، وقبل ساعات من لقائه قادة فلسطينيين اعربوا عن تحغظهم عن نقاط في الخطة، مما يهدد بفشل مهمة المسؤول الاميركي ونسف الخطة. راجع ص5 والتقى بيرنز امس وفداً فلسطينياً ضم رئيس المجلس التشريعي السيد أحمد قريع أبو العلاء وعدداً من الوزراء في السلطة. ولمح قريع، بعد اللقاء، إلى ان الخطة التي وضعتها اللجنة الرباعية الولاياتالمتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة "مبهمة وتثير الشك في احتمالات نجاحها". وقال ان الفلسطينيين "يريدون خريطة طريق حقيقية تنقلهم الى المحطة النهائية وهي اقامة دولة فلسطينية مستقلة يمكنها العيش في سلام الى جانب اسرائيل". واضاف: "انهم يريدون طريقاً واضح المعالم بلا عقبات او نقاط تفتيش". وقال مسؤول فلسطيني آخر: "ابلغنا بيرنز شكوكنا في هذه الخطة. وتساءلنا عن مدى جدية الولاياتالمتحدة". وأضاف: "نريد ان نعرف ان كانت هذه الجهود مجرد محاولة لكسب الوقت فيما تنهي الولاياتالمتحدة استعداداتها لضرب العراق". في موازاة ذلك، نقلت الاذاعة الاسرائيلية عن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون انه ابلغ المسؤول الاميركي الذي التقاه أول من أمس معارضته عدداً من عناصر الخطة، وفي مقدمها الجدول الزمني الملزم لتنفيذ مراحلها الثلاث حتى العام 2005 واقامة دولة فلسطينية، وانه ينبغي اعتماد مبدأ "امتحان التنفيذ" قبل الانتقال من مرحلة الى اخرى، رافضاً اسناد مهمة الاشراف على التنفيذ الى ممثلي "الرباعية" الدولية، ومطالباً بأن تتولى الولاياتالمتحدة وحدها هذه المهمة. وكرر ايضاً شروطه لوقف "العنف والارهاب الفلسطيني" بشكل تام وادخال الاصلاحات الامنية والاقتصادية على السلطة الفلسطينية وتهميش دور رئيسها ياسر عرفات، كل ذلك قبل ان تنفذ اسرائيل اياً من المطالب الواردة في الخطة. على الصعيد الميداني، اقتحم مئات الجنود الاسرائيليين تدعمهم عشرات الدبابات والعربات المدرعة مدينة جنين. وبرر قائد اسرائيلي العملية بأنها تهدف الى "اجتثاث نحو 20 متشدداً" في المدينة. واضاف ان العملية "نتيجة لتفجير سيارة ملغومة هذا الاسبوع"، في اشارة الى تفجير حافلة شمال تل ابيب أدى الى مقتل 17 وأعلنت حركة "الجهاد الاسلامي" مسؤوليتها عنه. وعلق وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر على العملية، فقال: "ان جنين باتت عاصمة الارهاب، عندما اتحدث عن مفجرين ومفجرات انتحاريين، فإنهم يأتون من هناك". وقال شهود ان العربات المدرعة والدبابات الاسرائيلية استولت على ما يراوح بين 40 و50 منزلاً، واتخذت منها مواقع للرد على أي نيران تطلق عليها. وهي تسير في شوارع المدينة التي أعادت اسرائيل احتلالها في حزيران يونيو الماضي. وخضعت جنين معظم تلك الفترة لحظر تجوال. وصرح مسؤولون في مستشفيات فلسطينية ان ستة اصيبوا بجروح خطيرة بالرصاص الاسرائيلي. وجابت القوات الاسرائيلية شوارع المدينةمرات، وقامت بين الحين والآخر بتفتيش منازل. وتبادل الجنود اطلاق النار بشكل متقطع مع مسلحين فلسطينيين. وبدأت الجرافات في هدم المقار الاقليمية لقوات الأمن الوطني الفلسطينية. واعتبر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ان العملية "تمثل استمراراً للجرائم التي ترتكبها قوات الجيش والمستوطنون اليهود ضد الشعب الفلسطيني والاطفال الفلسطينيين"، فيما قال الناطق باسمه نبيل أبو ردينة ان العملية خربت الجهود الاميركية المتعلقة بخطة "خريطة الطريق". في موازاة ذلك، قام الجيش الاسرائيلي بسحب وحداته المتحركة في مدينة الخليل جنوب الضفة والتي اعاد احتلالها منذ حزيران. وافاد فلسطينيون عن انسحاب وحدات كانت تنتشر في القطاع الشمالي من المدينة، لكن القوات الاسرائيلية احتفظت بموقعين ثابتين في القطاع المشمول بالحكم الذاتي على تلتي أبو سنينة والشيخ المطلتين على الجيب الاستيطاني الذي يعيش فيه 600 مستوطن يهودي.