باريس - ا ف ب - اعلنت النيابة العامة في باريس أمس الخميس انها فتحت تحقيقاً تمهيدياً، إثر دعوى بتهمة "الدفاع عن جرائم حرب" بحق الجنرال الفرنسي بول اوساريس الذي اعترف أخيراً في كتاب له بأنه ارتكب اعمال تعذيب ونفذ احكام اعدام تعسفية خلال حرب الجزائر. لكن النيابة، في المقابل، لم تفتح تحقيقاً في شأن دعوى بارتكاب "جرائم ضد البشرية" رفعها الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الانسان على الجنرال الفرنسي. كما ادعت حركة مكافحة العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب على اوساريس بتهمة ارتكاب جرائم ضد البشرية لكنها لم ترسل نص الدعوى بعد الى النيابة. وتصطدم هاتان الدعويان بحكم الأمر الواقع بعقبتين قضائيتين رئيسيتين: قانون 31 تموز يوليو 1968 الذي اصدر "عفواً عن كل المخالفات المرتبكة" والمرتبطة بحرب الجزائر 1954-1962، والمفهوم الحالي للجرائم ضد البشرية الذي لا يطبق في فرنسا الا على أحداث جرت بعد 1994. وجاء في نص وزّعته النيابة العامة في باريس ان "الاعمال التي اعترف بها الجنرال اوساريس وارتكبت خلال فترة الحرب الجزائرية تشكل بدون شك جرائم حرب" وبالتالي يغطيها قانون 1968. والدعوى بتهمة "الدفاع عن جرائم ضد البشرية" قدمتها في 4 ايار مايو رابطة حقوق الانسان. وهي تهمة يعاقب عليها قانون الصحافة بالسجن خمسة اعوام ودفع غرامة بقيمة 300 الف فرنك 45730 يورو. ودافع الجنرال اوساريس الذي خدم في الجزائر خلال حرب الاستقلال وكشف في العام الفين انه عذب شخصياً وقتل 24 سجيناً، عن ممارساته مجدداً في مناسبة صدور مذكراته في مطلع ايار مايو. واعلنت الرئاسة الفرنسية في 11 ايار انها بدأت اجراء لفرض عقوبات تأديبية بحق اوساريس. وكان رئيس الوزراء ليونيل جوسبان قال الاربعاء في باريس امام النواب الفرنسيين انه "يجب التمييز" بين الجنود والعسكريين الذين "ادوا واجبهم" خلال حرب الجزائر و"الجلادين". وأضاف ان "من الضروري التنديد باولئك الذين ارتكبوا اعمالاً بربرية ولا انسانية منافية للشرف. اما اولئك الذين ادوا واجبهم بكل بساطة، والذين يجب ان نميزهم عن الجلادين، فهم يستحقون التقدير بعد أربعين عاماً". ورفض جوسبان مجدداً طلب النائب الشيوعي فرنسوا اسينسي الاعتراف ب "مسؤولية" السلطات السياسية في حينها في اعمال التعذيب والاعدامات التعسفية. واكد انه "يساهم في واجب ذكرى" حرب الجزائر 1954-1962 بوصفه "اول رئيس حكومة يسمح بفتح المحفوظات العامة امام علماء التاريخ لتنجلي الحقائق". وذكّر بقرار باريس تشييد نصب في ذكرى الجنود الذين سقطوا في الجزائر. وكرر "ادانته الممارسات المشينة التي اعترف بها" اخيراً الجنرال اوساريس.