شهدت المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا في مجال الذكاء الاصطناعي، حتى أصبحت من الدول الرائدة في هذا القطاع على مستوى المنطقة. هذا النجاح لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة رؤية طموحة وخطط استراتيجية تتماشى مع رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة، كما أن مسيرة الذكاء الاصطناعي في المملكة ليست مجرد تجربة تقنية، بل هي قصة نجاح كتبت بفكر استراتيجي وقيادة طموحة واستثمار حقيقي في الإنسان والتقنية. إلى ذلك أطلقت المملكة العديد من المشروعات والمنصات التي تهدف إلى بناء منظومة رقمية متكاملة، إضافة إلى ذلك، حرصت على تطوير القدرات البشرية في هذا المجال، فأُطلقت منصات تدريبية متخصصة تهدف إلى تمكين الشباب والمهنيين من اكتساب المهارات المطلوبة في تقنيات الذكاء الاصطناعي. من بين هذه المنصات، نجد "أكاديمية سدايا"، التي تقدم برامج تدريبية متنوعة بالتعاون مع أرقى الجامعات والمؤسسات العالمية، وتشمل مجالات مثل تعلم الآلة، وتحليل البيانات، والرؤية الحاسوبية، وغيرها. كما أن الجامعات السعودية بدأت تلعب دورًا محوريًا في هذا التحوّل، من خلال إدراج تخصصات الذكاء الاصطناعي في مناهجها، وتأسيس مراكز بحثية متقدمة تعمل على تطوير حلول تقنية تخدم مختلف القطاعات مثل الصحة، والتعليم، والأمن، والطاقة. وكل هذه الجهود مجتمعة، ساعدت في ترسيخ مكانة المملكة كمركز إقليمي للابتكار في الذكاء الاصطناعي، وجعلتها شريكًا مهمًا على الساحة الدولية، سواء من خلال استضافتها لمؤتمرات عالمية، أو من خلال مشاركتها الفاعلة في مبادرات دولية تهدف إلى تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية. وفي هذا الشأن أضافت المملكة العربية السعودية إنجازًا عالميًا جديدًا لسجل تفوقها الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي بتصدرها تمكين المرأة في مجال الذكاء الاصطناعي (نسبة الإناث للذكور)، وأحرزت تقدمًا في نسبة نمو الوظائف واستقطاب الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي، وفي عدد نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة، وذلك وفقًا لمؤشر ستانفورد للذكاء الاصطناعي Stanford AI Index 2025 الذي يُعد مرجعًا دوليًا موثوقًا لصنّاع السياسات والباحثين وخبراء الصناعة لفهم واقع الذكاء الاصطناعي واتجاهاته المستقبلية على مستوى العالم. وحققت المملكة المرتبة الأولى عالميًا في تمكين المرأة بمجال الذكاء الاصطناعي، ويعكس هذا التقدم فاعلية السياسات الطموحة والمبادرات النوعية التي أطلقتها المملكة بهدف دعم مشاركة المرأة وتمكينها في القطاعات التقنية تحقيقًا لرؤية المملكة 2030، لا سيما الذكاء الاصطناعي من خلال توفير برامج تدريبية متقدمة وفرص تطوير مهني، ما أسهم في تعزيز حضور الكفاءات النسائية في هذا المجال التقني المتقدم، وترسيخ مكانة المملكة مرجعًا عالميًا في توفير الفرص المتكافئة بين الجنسين في قطاع الذكاء الاصطناعي. وجاءت المملكة في المرتبة الثالثة عالميًا في نسبة نمو وظائف الذكاء الاصطناعي لعام 2024، وجاءت المملكة الرابعة عالميًا في عدد نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة، وصنف المؤشر المملكة ضمن سبع دول قامت بنشر نماذج ذكاء اصطناعي رائدة منها: الولاياتالمتحدة الأميركية، والصين، وفرنسا، وكندا، وكوريا. وبين المؤشر أن المملكة حققت الثامنة عالميًا في استقطاب كفاءات الذكاء الاصطناعي، مما يعكس قدرتها في توفير بيئة مستقرة ومحفزة تستوعب المواهب الوطنية، وتدعم الابتكار ونقل المعرفة، وتسهم في بناء منظومة متقدمة ومستدامة في هذا القطاع الحيوي، إلى جانب جاذبيتها المتنامية لاستقطاب الكفاءات العالمية في هذا المجال. وتعكس هذه المؤشرات مجتمعةً ثمرة الجهود التي تبذلها المملكة نحو تحقيق الريادة العالمية في الذكاء الاصطناعي، بقيادة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، التي تتولى تعزيز مكانة المملكة بصفتها دولة رائدة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، من خلال بناء القدرات الوطنية، وتطوير السياسات، وتمكين الاستثمار، وتحفيز الابتكار، علاوة على تحسين البنية التحتية التقنية وتعزيز تبني حلول الذكاء الاصطناعي في القطاعات ذات الأولوية بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030. وفي مجال تمكين المرأة، قدّمت "سدايا" جهودًا ملموسة كان لها بالغ الأثر في تحقيق المملكة المرتبة الأولى عالميًا من خلال تمكين المرأة بمجال الذكاء الاصطناعي، من خلال مبادرات عدة منها: "برنامج Elevate" بالتعاون مع شركة Google Cloud الذي هدف إلى تمكين أكثر من 25,000 امرأة في مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب إقامة معسكرات وبرامج تدريبية متخصصة، أسهمت في تأهيل كوادر نسائية سعودية قادرة على الريادة في قطاع الذكاء الاصطناعي، بما يعزّز حضورهن على المستويين المحلي والعالمي. ويأتي تقدّم المملكة في مؤشر Stanford AI Index 2025 نتيجة حزمة المبادرات والبرامج والمشروعات التي أطلقتها "سدايا" مركزة فيها على بناء القدرات الوطنية في الذكاء الاصطناعي من خلال مبادرات نوعية، أبرزها البرنامج الوطني "أذكى U" الهادف إلى تمكين طلاب الجامعات السعودية في هذا المجال، والأولمبياد الوطني للذكاء الاصطناعي "أذكى" الذي يستقطب المواهب الناشئة ويصقل مهاراتهم، بالإضافة إلى مبادرة "سماي" التي تسهم في رفع الوعي التقني وترسيخ ثقافة الذكاء الاصطناعي في المجتمع. حققت المملكة خطوات كبيرة نحو التحول الرقمي، من خلال استثمارات ضخمة، حيث لم يعد الذكاء الاصطناعي في المملكة مجرد تقنية مستقبلية، بل أصبح واقعًا يلامس مختلف جوانب الحياة، من الخدمات الحكومية إلى التعليم والصحة والاقتصاد. وقد أولت المملكة هذا المجال اهتمامًا كبيرًا وأطلقت العديد من المبادرات ومنصات التدريب التي تهدف إلى بناء جيل مؤهل تقنيًا.