} تؤيد غالبية الفرنسيين 56 في المئة ملاحقة مرتكبي الجرائم من العسكريين الفرنسيين في حرب الجزائر، فيما باتت قضية الجنرال بول اوساريس، امام القضاء بعدما أكد في مذكراته انه مارس التعذيب والاعدامات خلال حرب الجزائر. اتخذت قضية التعذيب التي مارستها القوات الفرنسية خلال حرب الجزائر منحى قضائياً بعد الشكاوى التي تلقتها محكمة باريس من الفيديرالية الدولية لحقوق الانسان، والرابطة الفرنسية لحقوق الانسان، ومن أرملة أحد أعضاء الحزب الشيوعي الجزائري، جوزيت أودان، التي فقدت زوجها اثر تعرضه للاعتقال خلال معركة العاصمة الجزائرية العام 1957. ووجهت الفيديرالية الدولية في شكواها تهمة ارتكاب جرائم بحق الانسانية الى الجنرال بول اوساريس 83 عاماً بعد الاعترافات المفصلة التي ضمنها كتابه، الذي صدر أخيراً في باريس، عن ممارسته للتعذيب والاعدامات السريعة مثله مثل العديدين من العسكريين الفرنسيين خلال حرب الجزائر 1955 - 1957. ووجهت الرابطة الفرنسية لحقوق الانسان اليه تهمة التبجح بجرائم الحرب، ايضاً بناء على ما ورد في كتابه. أما اودان، فإنها أقامت شكواها ضد مجهول بتهمة الاحتجاز وارتكاب جرائم بحق الانسانية، بحيث لا يقتصر الأمر على ملاحقة اوساريس، بل يشمل مختلف العسكريين الفرنسيين الذين تورطوا في التعذيب خلال تلك الفترة. وكان زوج جوزيت أودان، موريس يعمل استاذاً في جامعة الجزائر، لدى اعتقاله في حزيران يونيو 1957 على أيدي عناصر تابعة لقوة المظليين الفرنسيين الذين كان الجنرال جاك ماسو يتولى قيادتها، ولم يعثر له على أثر منذ ذلك الحين. واجمعت جهات فرنسية عدة من بينها المؤرخ الفرنسي بيار فيدال ناكيه على القول أن اودان الذي اعتقل لاشتباه القوات الفرنسية بمساعدته لجبهة التحرير الوطني الجزائرية، توفي تحت التعذيب. وبعد الجدل الذي تثيره تصريحات اوساريس عن ضرورة كشف كل التفاصيل المتعلقة بحقبة هذه الحرب، على بشاعتها، فإن القضية تتجه الآن نحو جدل قضائي. فيتوجب الآن على محكمة باريس، تحديد موقفها من امكان ملاحقة أوساريس وسواه من العسكريين المتورطين في حرب الجزائر، علماً ان القانون الصادر في فرنسا العام 1968، ينص على العفو عن العسكريين ومرتكبي أعمال العنف من اعضاء جبهة التحرير الجزائرية ويحول دون ملاحقتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب. بالمقابل فإن تهمة التبجح بجرائم الحرب تعرض أوساريس لعقوبة السجن لمدة خمس سنوات ولغرامة مالية قدرها حوالى 300 ألف فرنك فرنسي، وهي عقوبة يعتبرها عديدون دون مستوى الجرائم التي ارتكبها. ورفضت وزيرة العدل الفرنسية ماريليز لوبرانشو، الإدلاء بأي موقف في هذا الشأن وقالت: "كنت أترقب الشكاوى، والآن ربما قدمت الى المحكمة، لم يعد بوسعي قول أي شيء". وأضافت لوبرانشو ان "الأمر الوحيد الذي سبق ان قلته واعيد تأكيده هو ان علينا واجب ينبغي أداؤه حيال الذاكرة وحيال الحقيقة". ويعد موقف لوبرانشو من واجب الذاكرة والحقيقة محط اجماع في فرنسا، لكن الاختلاف يتناول طريقة أدائه. فالوسط السياسي الفرنسي على اختلاف اتجاهاته يعتبر ان هذا الواجب من اختصاص المؤرخين الذين يعود اليهم تحديد المسؤوليات المختلفة عما تخلل حرب الجزائر من ممارسات لاانسانية. لكن أكثر من نصف الفرنسيين وتحديداً، 56 في المئة منهم حسب استطلاع للرأي نشرته صحيفة "ليبراسيون" يرغبون بملاحقات قضائية تشمل كافة المسؤولين عن جرائم تلك الفترة، ويؤيدون طلب غفران جماعي تقدمه فرنسا رسمياً الى الشعب الجزائري.