اظهر رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون غداة القاء وزير الخارجية الاميركي كولن باول خطابه عن الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي توجهاً فورياً الى استغلال مضمون الخطاب على نحو يتفق مع مآربه ويضع العراقيل امام المبعوثين اللذين اعلن باول انه سيرسلهما الى المنطقة قريباً. واعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات امس ان المبعوثين الاميركيين مساعد وزير الخارجية وليام بيرنز ومستشار باول الخاص انطوني زيني سيصلان الاثنين المقبل الى المنطقة. وبادر شارون، لتأكيد ترحيبه ب "رؤية" باول، الى اقتحام مدينة رفح في جنوب قطاع غزة وتدمير 20 منزلاً فلسطينياً واطلاق النار على فلسطينيين هناك وتوسيع النشاط الاستيطاني في مدينة الخليل. كما اعلنت اسرائيل امس انها ستقيم مباني سكنية دائمة من الاسمنت المسلح مكان منازل متنقلة في مستوطنة يهودية في الخليل. ووصف نبيل ابوردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الاجراءات الاسرائيلية الاخيرة بأنها تهدف الى "نسف الجهود الدولية ووضع العراقيل امام المبعوثين الاميركيين الذين سيصلون الى المنطقة". وفيما قالت الاذاعة الاسرائيلية ان باول خضع للضغوط الاسرائيلية وامتنع عن "مطالبة اسرائيل بما لا تستطيع ان تفعله" واشارت بشكل خاص الى "شطب" الجملة التي اراد فيها باول الغاء فترة الهدوء التام لسبعة ايام، اشارت تقارير اسرائيلية اخرى الى ان شارون رحب بخطاب باول في محاولة لتجيير مضامينه لكسب الوقت والحفاظ على ائتلافه الحكومي والامتناع عن تقديم اي "تنازلات" اقليمية او اخلاء مستوطنات يهودية. وقالت التقارير ان شارون سيفعل ذلك بالايحاء بأن باول "ترك الكرة في الملعب الفلسطيني" وان على الفلسطينيين ان يقوموا بالخطوة الاولى "بوقف العنف" نهائياً. وفي واشنطن اعتبرت "الرؤية" التي اعلنها باول نوعاً من المبادرة لاحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، بعد تردد في ادارة بوش استمر عشرة شهور. واعتبرت مصادر اميركية قريبة من باول انه اضاف بخطابه عنصراً جديداً الى الساحة، فأصبح هناك "الرؤية" بالاضافة الى "خطة تينيت" و "توصيات ميتشل" للمساعدة في اعادة اطلاق عملية السلام. وأكد مسؤولون اميركيون نية الادارة العمل لتطبيق توصيات ميتشل، وهو ما تأهبت له قبل 11 ايلول لكن الاحداث اضفت عنصراً ملحاً على جهود الادارة لأن اطلاق عملية السلام مجدداً يساعد الولاياتالمتحدة في حربها ضد الارهاب. وفي حال قررت واشنطن التركيز على العراق بعد الانتهاء من القاعدة وبن لادن فإن التهدئة بين الفلسطينيين والاسرائيليين ستؤمن اجواء عربية اكثر تقبلاً لمهاجمة العراق. وكان واضحاً في خطاب باول ان الادارة الاميركية ارادت اعطاء حوافز للطرفين للتوقف والعودة عن مواقفهما التي ادت الى تدهور الاوضاع، فأسمعت اسرائيل ضرورة وقف العنف والارهاب واعتراف العرب بالدولة اليهودية كما اسمعت الفلسطينيين ضرورة انهاء الاحيلال ووقف النشاطات الاستيطانية الاسرائيلية وقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. وعدا ان ارسال بيرنز وزيني يمثل بدايةً للانخراط الاميركي في الملف، إلا ان المجال تُرك مفتوحاً لاحتمال تعيين مبعوث رئاسي خاص، في حال سارت الامور بشكل ايجابي. بوش يؤكد للحود التزام السلام الشامل وفي بيروت، أكد الرئىس الأميركي جورج بوش، في برقية الى الرئيس اللبناني اميل لحود لمناسبة عيد الاستقلال الذي يصادف غداً، "اننا نظل ملتزمين البحث عن سلام شامل مستند الى قرارات مجلس الأمن الدولي الرقم 242 و338 و425"، مؤكداً دعمه "لبنان المزدهر والمستقر عامل استقرار في المنطقة". وإذ أعرب بوش عن اقتناعه "لإسهام لبنان في الحملة الدولية ضد شبكة القاعدة"، اعتبر "ان دعم لبنان للجهد الواسع من اجل تخليص العالم من الارهاب أمر مهم جداً". ورأى رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية يوهانس راو، في برقية للمناسبة نفسها، "انه اسهام كبير ألا تتحول الحدود في جنوب بلدكم الى بؤرة توتر جديدة" في سياق تأكيده الحاجة الى وقف العنف في المنطقة.