} انتهت الفترة الزمنية التي أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز أنها ستشهد بداية رفع الحصار العسكري والاجراءات التعسفية الاسرائيلية الأخرى، من دون أي تغيير يذكر على أرض الواقع. وبدل ان تتم إزالة الحواجز التي تعزل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية بعضها عن بعض، أكد شهود فلسطينيون ان قوات الاحتلال الاسرائىلي أقامت عدداً إضافياً من هذه الحواجز لتعزيز حصارها الخانق على المواطنين، فيما كشف مخطط استيطاني جديد في الضفة الغربية وقطاع غزة سيشرع بتنفيذه الاحد المقبل في تحد صارخ لتوصيات لجنة ميتشل التي اعلنت اسرائيل نفسها التزامها في اطار اتفاق وقف النار الاربعاء الماضي. في ضوء تخلف اسرائيل عن تنفيذ التزاماتها برفع الحصار وتخفيف معاناة الفلسطينيين، نشطت ديبلوماسية الهاتف بين وزير الخارجية الاميركي كولن باول والرئيس ياسر عرفات من جهة، وبين باول ووزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر من جهة أخرى. وقالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" ان حديثاً "عاصفاً" جرى بين باول وبن اليعيزر، خلال المكالمة الهاتفية التي اعقبت مكالمة اخرى اجراها مع عرفات. واشارت مصادر اسرائيلية الى ان باول طالب بن اليعيزر بوقف كامل لتوغل القوات الاسرائيلية داخل اراضي السلطة وتفادي اطلاق النار على الفلسطينيين. واكدت المصادر ان عرفات طالب الادارة الاميركية باتخاذ مواقف عملية تلزم حكومة اسرائيل تنفيذ التزاماتها وفقاً لما اتفق عليه وايفاد مبعوث خاص للاطلاع على مجريات الأمور عن كثب. وكان الرئيس الفلسطيني جدد مساء أول من امس في رام الله التزامه قرار وقف النار واستعداده لقاء بيريز مجدداً على رغم الخروق الاسرائيلية المتمثلة بعرقلة وصول الاغذية والادوية الى المناطق الفلسطينية المحاصرة، الى عمليات القتل او التنكيل والتوغل في الاراضي الفلسطينية. ومع ساعات الصباح، شارك نحو 2000 طالب فلسطيني من جامعة بير زيت القريبة من رام الله مع اساتذتهم في مسيرة سلمية اتجهت الى الحاجز العسكري الذي يعرقل وصولهم الى الحرم الجامعي، وبدأوا بازالة الحاجز الترابي الذي اقامته القوات الاسرائيلية بمحاذاة حاجزها العسكري، قبل ان يصطدم بهم الجنود ويطلقوا النار والقنابل الخانقة باتجاههم. واصيب نحو 50 طالباً بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط وبحالات اختناق شديدة، فيما أصيب أحد المحاضرين الفرنسيين بقنبلة صوت في وجهه خلال المواجهات الحامية بعد رفض قوات الاحتلال إزالة الحاجز الذي تسبب في شلل شبه كلي للمسيرة التعليمية في الجامعة وللحياة الاقتصادية لنحو 40 قرية فلسطينية يمر سكانها يومياً من هذا الطريق الذي يشكل عصب الحياة بينها وبين مدينة رام الله. المخطط الاستيطاني من جهة اخرى، كشفت حركة "السلام الآن" الاسرائيلية اليسارية البدء بإقامة اربع مستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة في اطار مخطط استيطاني جديد يشمل اقامة سبع مستوطنات صادقت عليها الحكومة الاسرائيلية. وأوضحت الحركة في بيان ان احتفالات لوضع "حجر الاساس" لثلاث من هذه المستوطنات ستجري الاحد المقبل مع انتهاء الاعياد اليهودية. وأكد شهود فلسطينيون ان مجموعات من المستوطنين بدأت فعلاً بإقامة بؤرة استيطانية على تلة الناطور في بلدة الفرديس القريبة من بيت لحم تعود لعائلة الزير، فيما انتقلت 12 عائلة يهودية للاقامة في مستوطنة عسكرية قرب الخليل. أما المستوطنة الثالثة، فستقام على اراضي المواطنين شرق بلدة يطا القريبة من الخليل بين مستوطنتي "ماعون" و"سوسيا". وشمال الضفة الغربية، بدأت عمليات تمديد الكهرباء والماء لمستوطنة جديدة ستقام على اراضي قرية عزون شرق كفر ثلث حيث تم الانتهاء من شق طريق استيطاني يصل مستوطنة "معاليه شمرون" المقامة على اراضي عزون بموقع المستوطنة الجديدة بطول كيلومترين. وستقام المستوطنة الرابعة في قطاع غزة. وحذر الفلسطينيون من ان حكومة شارون تستغل غفلة العالم بما يدور في الولاياتالمتحدة لتنفيذ المزيد من مخططاتها الاستيطانية التي تهدف الى التهام ما تبقى من الأراضي من جهة ولترسيخ واقع العزل والحصار الذي تفرضه منذ نحو عام من جهة أخرى. ويأتي المخطط الجديد في الوقت الذي لاحت فيه بارقة أمل لدى السلطة الفلسطينية ووزير الخارجية الاسرائيلي بيريز بإمكان العودة الى مسار المفاوضات وتنفيذ توصيات لجنة ميتشل التي رأى الفلسطينيون بندا يتيما فيها ينصفهم يتمثل بمطالبتها بوقف النشاطات الاستيطانية على الارض الفلسطينية. ويرى مراقبون في الاجراء الاسرائيلي هذا، رسالة تحد واضحة لجهود الولاياتالمتحدة التي تسعى الى تهدئة الاوضاع في الشرق الاوسط لتتفرغ لتحالفاتها مع دول المنطقة ضد افغانستان، وكذلك رسالة واضحة يبعثها شارون الى المستوطنين لطمأنتهم. فلسطينياً، وفي اطار الجدل الدائر في شأن جدوى التعاطي مع سياسة الحكومة الاسرائيلية الحالية، أصدرت شخصيات أكاديمية وثقافية فلسطينية بياناً أعلنت فيه تأييدها قرار وقف النار الذي توصلت اليه القيادة الفلسطينية مع الجانب الاسرائيلي "مع تأكيد احتفاظنا بحقنا، كحق الشعوب كافة في استمرار النضال من اجل تحقيق اهدافنا المشروعة ما لم تتكلل هذه المفاوضات بالنجاح". ويحمل البيان تواقيع 22 شخصية منها مهدي عبدالهادي وموسى البديري ومناويل حساسيان وبرنارد سابيلا وعبدالقادر الحسيني نجل الراحل فيصل الحسيني وسعاد العامري وسليمان منصور وسري نسيبة وسليم تماري وصلاح عبدالشافي وزكريا القاق وزكريا محمد وحسن خضر وغيرهم. وأيد الموقعون قرار وقف النار من منطلق "اتاحة الفرصة ثانية للعودة الى المفاوضات". ودعا البيان الولاياتالمتحدة ومجموعة الدول الاوروبية واليابان الى "اتخاذ موقف جريء ومتميز" من خلال ايفاد وزراء خارجيتها الى القدس فوراً لعقد "جلسة مستمرة من أجل متابعة المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين عن كثب ومن أجل التأكد من استمراريتها على اعلى المستويات وصولاً إلى تفكيك العقد الجوهرية التي تحول دون الاتفاق، وذلك على ارضية قرارات الشرعية الدولية".