يشهد الرئيس علي عبدالله صالح وعدد من الزعماء العرب والأجانب في صنعاء اليوم، عرضاً عسكرياً ضخماً في الذكرى العاشرة لتوحيد اليمن، وانهاء ما كان يعرف ب"التشطير". وفي مقدم الزعماء العرب الذين يشاركون اليمن احتفالاته، ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الذي تعتبر زيارته صنعاء الأولى من نوعها لمسؤول سعودي على هذا المستوى منذ سنوات طويلة. كما يشارك ولي عهد قطر الشيخ جاسم بن حمد بن خليفة آل ثاني والرئيسان عمر البشير وياسر عرفات، وستظهر في العرض أسلحة جديدة بينها دبابات روسية الصنع من طراز "ت 72"، كما أكد ل"الحياة" مسؤول يمني رفيع المستوى. وانشغل الرئيس علي صالح أمس في استقبال قادة الوفود عشية العرض العسكري الذي سيقام في ميدان السبعين في العاصمة اليمنية، ويشارك فيه 22 ألف شاب دلالة الى ذكرى الوحدة 22 أيار/ مايو 1990، وحوالى عشرة آلاف عنصر من الجيش بكل فروعه وقوات الأمن. صنعاء، عشية الاحتفالات، بدت لزوارها وأهلها مدينة أخرى، ارتدت حلة مختلفة، بعدما اجتهدت الجهات المعنية في التحضير لاستقبال الضيوف العرب والأجانب. وليست كل الشوارع المعبدة الميزة الوحيدة للعاصمة، ولا اشراف آلاف عن عناصر الجيش والحرس الجمهوري على ضبط الأمن، بل كذلك نحو مليون "قنديل" تضيئ سماء صنعاء. أما المعارضة اليمنية فلم تكرر تجربة المقاطعة كما في انتخابات الرئاسة في أيلول سبتمبر الماضي، إذ تعتبر نفسها "شريكاً أساسياً" في صنع الوحدة، كما قال ل"الحياة" الأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري عبدالملك المخلافي، مشدداً على أن هذه الوحدة "ملك لجميع اليمنيين". وعلم ان الرئيس علي صالح التقى زعماء في الحزب الاشتراكي قبل أيام قليلة، وتساءل عضو المكتب السياسي للحزب السيد محمد غالب أحمد في تصريح الى "الحياة": "لمَ لا نشارك في الاحتفالات والوحدة عيدنا؟". وزاد ان الرئيس اليمني "لم يوقع مع نفسه اتفاق الوحدة". وذكر أن دعوات وجهت الى قادة الحزب قبل ثلاثة أيام لحضور العرض العسكري، لافتاً الى أن المطلوب عملية "رد اعتبار" للاشتراكي. بين الرؤساء العرب والأجانب المشاركين في احتفالات الوحدة اليمنية، كان متوقعاً وصول الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، بعدما وصل نائب الرئيس السوري زهير مشارقة ونائب رئيس الوزراء العماني فهد بن محمود، وكذلك الرئيس الاثيوبي نجاسو جاوادا. ويرأس الوفد الروسي وزير الدفاع ايغور سيرغييف، فيما يرأس الوفد الأميركي المساعد السابق لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط روبرت بلليترو. محنة الحرب وفي ذكرى الوحدة كان بديهياً أن يتذكر اليمنيون محنة حرب 1994 التي شكلت منعطفاً في تاريخ البلد، وقلبت المعادلات السياسية بين الحكم والمعارضة. فمعظم المعارضين يرفضون إلا ان يُنسب لهم ولو جزء من الفضل في الحفاظ على الوحدة التي يقال انها "تعمدت بالدم"، وصمدت على رغم فداحة الثمن. وإذ كرر الحزب الاشتراكي، الخاسر في الحرب ولعبة الانفصال - بل مأساته - عشية الذكرى العاشرة لإنهاء التشطير، دعوته الى العودة ل"وثيقة العهد والاتفاق" كمدخل ل"مصالحة شاملة"، اعتبر مركز المعلومات والبحوث التابع لوكالة الأنباء اليمنية سبأ في كتيب بعنوان "ملحمة الدفاع عن الوحدة" ان الوثيقة "تمثل في ظاهرها بناء دولة المؤسسات والنظام والقانون، لكنها في جوهرها تؤدي الى تقسيم الوطن الموحد الى دويلات أو تحقيق الانفصال المتدرج". ويذكّر الكتيب بتوقيع الوثيقة "على رغم الشروط التعجيزية"، في 20 شباط فبراير 1994 وبحضور العاهل الأردني الراحل الملك حسين، ثم يروي تاريخ الانفجار "بانكشاف قناع الانفصاليين" والاعتداء على لواء العمالقة في زنجبار. كانت تلك شرارة حرب تركت شرخاً في جدار الوحدة، لكن معظم اليمنيين لا يرغب في تذكر مأساة الانفصال بعد نحو سبع سنوات على الاقتتال، فيما الحكم يرى في تذكرها حافزاً لتعبئة المواطنين في صف حماية الوحدة، وهذه ما زالت تشكل ربما القاسم المشترك الأهم بين الحكم وبين المعارضة من داخل السلطة وخارجها. ولعل من انجازات الذكرى العاشرة لتوحيد ما كان يسمى اليمن الجنوبي والجمهورية العربية اليمنية، أن تصميم الدولة على فرض هيبتها انعكس في اجراءات أمنية صارمة، أدت - فجأة - الى وقف التفجيرات في أنبوب النفط في مأرب، وغياب عمليات الخطف، خصوصاً بعدما اعطي القضاء ضمانات كاملة لممارسة مهمته من دون تدخلات أو قبلية.