قطعت تونس وليبيا خطوة جديدة في تعزيز العلاقات الثنائية، ما انعكس استقراراً على تعاونهما الاقتصادي وعلاقتهما السياسية على رغم الصعوبات التي تمر فيها العلاقات بين البلدان المغاربية. وانهى امين اللجنة الشعبية العامة رئيس الوزراء الليبي محمد احمد المنقوش امس زيارة لتونس استمرت يومين رأس خلالها مع نظيره الدكتور حامد القروي الاجتماعات نصف السنوية للجنة المتابعة العليا المشتركة واتفقا على اعطاء دفعة جديدة للتعاون الثنائي في غير مجال. وعكس حجم الوفد المرافق للمنقوش الاهمية التي يمنحها الليبيون لتطوير التعاون مع تونس التي حافظوا على علاقات متينة معها في السنوات العشر الماضية، خصوصاً في ظل خضوع ليبيا لعقوبات دولية طيلة سبعة اعوام قبل رفعها في الربيع الماضي، مما اسدل الستار على "الخضّات" والازمات التي شهدتها العلاقات بين البلدين طيلة السبعينات والثمانينات. وافادت مصادر مطلعة ان محادثات الوفدين التونسي والليبي تطرقت الى اربعة ملفات اساسية هي متابعة الاستعدادات لانطلاق الانتاج من الحقل النفطي المشترك في منطقة الجرف القاري والذي سيكرس حلاً وفاقياً للخلاف الذي سبب احتكاكات بين الحكومتين في الثمانينات واضطرتا الى رفعه الى محكمة العدل الدولية قبل الوصول الى حل بالتراضي. اما الملف الثاني فهو مشروع الانبوب الذي سينقل الغاز الطبيعي الليبي الى مدينة قابس الصناعية في جنوبتونس. فيما تمثل الملف الثالث في استكمال ربط شبكتي الكهرباء والذي سيحقق استكمال ربط الشبكتين المغاربية والمشرقية انطلاقاً من مصر الى المغرب. وشكلت زيادة حجم المبادلات التجارية الثنائية الملف الرابع الذي تطرّقت اليه اللجنة المشتركة. ويسعى الجانبان ايضاً الى زيادة حجمه من 550 مليون دولار في العام الماضي الى 700 مليون دولار مما اثار ارتياحاً في الاوساط السياسية التونسية بعدما كان مراقبون يتوقعون ان تركز ليبيا في المرحلة المقبلة على تطوير تعاونها مع البلدان الافريقية على حساب جيرانها المغاربيين. انعاش الاتحاد المغاربي واوضحت مصادر مطلعة ان المحادثات التي اجراها المنقوش مع الرئيس زين العابدين بن علي والقروي شملت اوضاع اتحاد المغرب العربي الذي يضم الى تونس وليبيا، كلاً من المغرب والجزائر وموريتانيا، خصوصاً في أفق عقد الاجتماع الاول لوزراء الخارجية المغاربيين منذ 1995 المقرر عقده في الجزائر الشهر المقبل اذا لم تظهر عقبات تحول دون ذلك. واكدت المصادر وجود تطابق في وجهتي النظر في شأن ضرورة الاسراع بانعاش المؤسسات المغاربية كون البلدان ليسا طرفاً في الخلافات التي شلّت الاتحاد منذ خمسة اعوام واستطاعا ان يحافظا على افضل العلاقات مع الاعضاء الآخرين. لكن على رغم الانسجام الذي طغى على اعمال لجنة المتابعة اظهرت اوساط تونسية خيبة امل من تخلي الليبيين عن مشروع مدّ انبوب لنقل الغاز الطبيعي الى ايطاليا عبر الاراضي التونسية على غرار الانبوبين الجزائريين اللذين يعبران تونس الى جزيرة صقلية. وبتّ الليبيون اخيراً البدائل المطروحة لاقامة الانبوب باستبعاد مدّّه عبر تونس واختيار طريق مباشرة تشقّ البحر المتوسط واستناداً الى دراسات فنية يقال انها اثبتت ان الصيغة الثانية اقل كلفة واكثر جدوى اقتصادية. الا ان مصادر متطابقة اوضحت ان اي تباعد في التعاطي مع ملفات التعاون الثنائي لا يمكن ان تلقي ظلالاً على العلاقات الثنائية التي اتسمت باستمرار المشاورات المنتظمة في اعلى مستوى ان من خلال الاتصالات الهاتفية بين الرئيس بن علي والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي او من خلال اللقاءات المباشرة المتكررة وآخرها الزيارة التي قام بها القذافي لتونس بعد حضوره القمة الخامسة والثلاثين لمنظمة الوحدة الافريقية في الجزائر.