واشنطن - أ ف ب - يعكس فشل الرئيس بيل كلينتون في مجلس الشيوخ في ما يتعلق بمعاهدة حظر التجارب النووية الصعوبات المتزايدة التي يواجهها في دفع برلمان معاد له الى اعتماد مواضيع اساسية في سياسته. وربما كانت هزيمته الآن مقدمة لهزائم اخرى. ووقعت معاهدة حظر التجارب النووية ضحية محاولات الاستقطاب الى اقصى حد في الحياة السياسية الاميركية مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية الكبرى اي الاقتراعين الرئاسي والتشريعي في البلاد في تشرين الثاني نوفمبر 2000. وألقى القادة الجمهوريون المتحفظون جداً حيال مزايا معاهدة جمدوا عملية المصادقة عليها منذ عامين، نظرة سريعة عليها ولم يقاوموا اغراء انزال هزيمة قاسية بكلينتون الذي لم ينجحوا في اقالته اثر قضية مونيكا لوينسكي في شباط فبراير الماضي. ورأت الغالبية في مجلس الشيوخ، الجهة الوحيدة المخولة المصادقة على المعاهدات الدولية، ان الامر يحتاج الى سنوات للتأكد من الفاعلية المطلقة للتجارب النووية الوهمية في المختبر التي تعتمد الولاياتالمتحدة عليها حالياً للمحافظة على ترسانتها النووية وتحديثها. كما اشار الجمهوريون الى مخاطر المعاهدة على الامن القومي الاميركي واستحالة التحقق من تطبيقها. وجاء رفض مجلس الشيوخ المصادقة على المعاهدة بعد ثلاثة اعوام على توقيعها ب51 صوتاً مقابل 48 وامتناع عضو واحد عن التصويت على اساس حزبي واسع، على رغم انسحاب اربعة جمهوريين. وتحتاج المصادقة على المعاهدة الى غالبية الثلثين، اي 67 من مئة صوت. وللمرة الاولى منذ عقود ترفض الولاياتالمتحدة معاهدة دولية كبرى. ويشكل هذا الرفض ضربة قاسية لمستقبل المعاهدة الدولية بعدما وجه كلينتون وادارته وعدد من البرلمانيين من الحزبين نداءات ملحة لارجاء التصويت عليها خوفاً من "كارثة" رفضها لدى الأسرة الدولية. وأصبحت معارك السياسة الداخلية التي تتعلق بالمواضيع الكبرى التي سيتواجه حولها الجمهوريون والديموقراطيون في الحملة الرئاسية، شبه يومية. لكن السياسة الدولية التي تتبعها الولاياتالمتحدة ليست في منأى عن هذه المواجهة. وكان كلينتون جعل من معاهدة حظر التجارب النووية التي تمنع اي تفجير نووي عسكري او مدني، في الجو او تحت الارض احدى اولويات سياسته الخارجية. واذا كان الجمهوريون تبعوا كلينتون بشئ من المعارضة في نزاع كوسوفو الربيع الماضي، فهم ما زالوا يعارضون بشدة سياسة الشراكة الاستراتيجية مع الصين التي طورها البيت الابيض معتبرين انها تشكل فشلاً تاماً. وحذروا من انهم سيربكون الرئيس عندما يصبح قادراً على ان يعرض على الكونغرس اتفاقاً حول العلاقات التجارية الاميركية الصينية يسمح بانضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية. يذكر ان المفاوضات بين واشنطن وبكين استؤنفت بعد ان علقت عدة اشهر اثر قصف السفارة الصينية في بلغراد خلال الازمة في كوسوفو. والهدف هو جعل هذه المفاوضات تثمر قبل نهاية العام الجاري، لكن كلينتون سيحتاج الى ضوء اخضر من الكونغرس لمنح الصين وضعاً تجارياً عادياً بشكل مستمر، كان معروفاً في الماضي باسم "بند الدولة الاولى بالرعاية". وفيما يستعد اعضاء منظمة التجارة العالمية لبدء جولة تجارية جديدة طموحة خلال شهر ونصف الشهر في اجتماعهم الوزاري المقبل في سياتل، لم يحصل كلينتون من الكونغرس حتى الآن على تجديد صلاحيته للتفاوض حول الاتفاقات التجارية الدولية. وحتى سياسته في الشرق الاوسط تأثرت بعلاقاته المتوترة في الكونغرس. فعلى رغم معارضة البيت الابيض، قرر الجمهوريون اقتطاع مبالغ من المساعدة المالية التي قررها كلينتون الى الاردن والفلسطينيين في اطار الاتفاقات الانتقالية الاسرائيلية - الفلسطينية الموقعة في واي ريفر.