عرض رئيس مجلس ادارة شركة "ليبانون انفست" للإستثمار السيد مروان غندور التغيرات التي طرأت على البيئة المالية اللبنانية في الاعوام الاربعة الماضية، موضحاً ان أبرز تلك التغيرات كانت في القطاع المصرفي بنمو موجوداته من نحو 4.7 بليون دولار أميركي، بنهاية الحرب في عام 1991، الى 32 بليوناً في حزيران يونيو من 1998. وأكد في هذا الصدد ان موجودات المصارف اللبنانية نمت بنسبة تراوح بين 17 و28 في المئة في الأعوام الاربعة الماضية، وان مصدرها تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج خلال أعوام الحرب.. وتوقّع غندور "استمرار هذا النمو في المستقبل" مستنداً الى "ديناميكية النظام المالي اللبناني وقدرته على التأقلم والتوسع، معتبراً ان آليات الاخير قادرة ان تجعل من بيروت مركزاً مالياً مهماً في المنطقة. ورجح ان يكون دور القطاعين المالي والمصرفي مغايراً للدور الذي اضطلعا به قبل الحرب، بسبب التغيّر الجذري في البيئة الاقليمية المحيطة بلبنان خلال العقدين الماضيين. وقال السيد غندور ان التحولات النوعية التي تمت في الاعوام الاربعة الماضية انعكست في عدد من المجالات، منها اصدارات الاسهم وشهادات الايداع الدولية، واصدارات سندات ال"يوروبوند"، إضافة إلى ظاهرة الدمج المصرفي. وشرح انه من حال انعدام سوق رأس مالية، والاقتصار على الاستثمارات العقارية أصبحت السوق اللبنانية تعج بالإصدارات التي تسوّق دولياً، لافتاً إلى أن شركة "ليبانون انفست" كانت صاحبة المبادرة في هذا المجال، وأنه فيما كانت المنافسة شبه معدومة في السوق الرأسمالية منذ أربعة أعوام، أصبحت السوق المالية تستقطب شركات كثيرة بما فيها الدولية الكبيرة". وقال السيد غندور إن "الإكتتابات الرأسمالية في الأسهم وشهادات الإيداع الدولية بلغت 456 مليون دولار أميركي، تركز أغلبها في القطاع المصرفي"، لافتاً إلى ان رسملة القطاع المصرفي كانت شبه منعدمة، بعد أعوام الحرب، لا سيما مع انهيار قيمة العملة الوطنية خلال الثمانينات. ودلل السيد غندور بعقد مقارنة بين أولى الاصدارات في السوق اللبنانية والتي كانت لا تتعدى عشرات الملايين من الدولارات وآخر إصدار جرى، الذي قاربت الاكتتابات فيه على 4،1 بليون دولار أميركي. واعتبر ان تلك القفزة التي تمت خلال سنوات، وكانت إحدى سماتها تحوّل المؤسسات المصرفية المحلية من الملكية الخاصة والعائلية الى العامة والدولية، عكست متانة الأسس الاقتصادية التي طالما امتاز بها القطاع المصرفي في لبنان، وكذلك، اهتمام السوق المالية الدولية بلبنان، لاعتبارات الموقع المميز الذي يحتله القطاع المصرفي في الاقتصاد اللبناني بسبب عاملي الشفافية والربحية الذين يسهما في شكل رئيسي، في استقطاب المستثمر. وأضاف ان وجود جهاز رقابي متمكن كمصرف لبنان بما لديه من الخبرات المهنية، سهّل تخطي العقبات بسبب قدرة الاخير على استيعاب متطلبات السوق والتعاطي مع تحدياتها من خلال تذليل العقبات القانونية والإجرائية، والجرأة في القيادة، ما سهّل التحول الذي جرى في لبنان. وزاد بان فقدان مرجعية ترعى التحولات المماثلة في قطاعات أخرى أدى الى تعثر محاولات التغير . أما بالنسبة الى سندات ال"يويوروبوند"، قال غندور ان اصداراتها من خلال القطاع الخاص، بدأت مباشرة بُعيد العدوان الإسرائيلي على لبنان في 1996، وكانت سبقتها إصدارات الحكومة اللبنانية. "ومنذ ذلك الحين دخل الى القطاع المصرفي ما يعادل 2،1 بليون دولار أميركي من الأموال ذات الإستحقاقات طويلة الأمد". ورأى ان "أهمية هذا الأمر تكمن في أن النظام المصرفي اللبناني كان مقتصراً في جلِّه على الودائع قصيرة الأمد وفجأة خلال سنتين، دخلت أموال ذات استحقاقات بدأت بثلاث سنوات ثم امتدت الى خمس سنوات. "وفي اعتقادي ان حال التحول هذه هي تحول ثوري للنظام المصرفي اللبناني، إذ أنه مع توافر المصادر طويلة الأمد نسبياً، تمكنَّ القطاع المصرفي للمرة الأولى من تلبية الحاجات الماسة للقطاعات الإنتاجية والإعمارية والاستهلاكية التي لم تكن متاحة سابقاً". ومن جهة أخرى، قال السيد غندور ان التحولات في السوق المصرفية والمالية اللبنانيتين لم تجرِ في شكل مضطرد أو إيجابي في كل الأحوال، وان عوامل أثرت سلباً في هذا التطور ذكر منها إثنان، الأول خارجي: وهو الازمة التي ضربت الأسواق المالية في العالم وخصوصاً الناشئة، وكان لها انعكاساً في السوق اللبنانية تمثل في انسحاب بعض الأموال الاجنبية المستثمرة في القطر، ما انعكس سلباً على أسعار الأسهم والإقبال على البضائع المالية اللبنانية. واستدرك بان آثار تلك الازمة محدودة، لكن تلازمها مع العجز الكبير في موازنة الدولة "ولّد شكاً في استمرار الإستقرار النقدي". واعتبر انه "إذا كان ليس في اليد حيلة تجاه العوامل الخارجية فإن العامل الداخلي وضرورة معالجته في متناول الدولة، وإن كان هذا العلاج يتطلب قرارات صعبة ومؤلمة". قال غندور إنه على رغم تميز الأعوام الماضية بربحية عالية في القطاع المصرفي إذ كان معدل الربحية على متوسط الأموال الخاصة يصل إلى نحو 22 في المئة في عام 1997، فإن تلك الربحية ربما واجهت في المستقبل ضغوطاً من جهات مختلفة، سواء لجهة خفض مستوى الفوائد على الليرة اللبنانية أو حدوث تنافس بين المصارف وارتفاع كلفة التشغيل، ما يبرر الدمج المصرفي. ولفت في هذا الصدد إلى بروز معالم استراتيجيات مختلفة في لبنان لمواجهة الضغوط الحالية والمستقبلية مشيراً إلي ان أحدها سيكون تطوير بضائع وأدوات مالية استثمارية جديدة