خاطب الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري «اللبنانيين والأصدقاء في كل مكان»، معلناً ان «بعد سنوات طويلة من الصبر والانتظار والكفاح الوطني المتواصل، أُعلن اليوم عن صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. لنشهد معاً، للحظة تاريخية مميزة في حياة لبنان السياسية والقضائية والأمنية والأخلاقية، وأشعر بنبضات قلبي، تعانق قلوب كل اللبنانيين، الذين دافعوا عن قضية العدالة، ورفضوا المساومة على دم الشهداء». وقال الحريري في بيان وزعه مكتبه بعد ساعات قليلة على تسلم لبنان جزءاً من القرار الاتهامي المتعلق بلبنان: «ناضلنا جميعاً من أجل هذه اللحظة التاريخية، ناضلنا في حياتنا اليومية. ارتضينا ألا ننتقم وألا نحقد، فاتكلنا على الله سبحانه وتعالى وبدأنا مسيرة طويلة مكلفة، ألا وهي الحقيقة والعدالة عبر محكمة ذات طابع دولي فيها قضاة لبنانيون، تقدم الأدلة والبراهين وتعطي المتهمين، أياً كانوا، فرصة الدفاع عن أنفسهم». وقال: «واليوم، أجد نفسي قريباً من أهلي وأبناء وطني، أكثر من أي وقت آخر. موجود معهم ومع العائلات والجموع التي تدفقت إلى ساحة الحرية وضريح الرئيس الشهيد، وملأت الساحات في كل مكان، وتحدت عواصف اليأس والتهويل والتهديد، وقطعت العهد لشهداء الحرية والاستقلال، بعدم الاستسلام لإرادة القتلة والمجرمين. إنني اشد على أياديكم جميعاٍ، أُقبل جبين كل كبير وصغير وأقول للجميع: شكراً. شكراً لشعب لبنان الحبيب. وأجدد العهد بأن أبقى معكم أميناً على رسالة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعلى مسيرة الشهداء الابرار، وكل الاحرار الذين سقطوا على دروب ثورة الارز والقرار الوطني الحر المستقل». ورأى ان «هذا التقدم في مسار العدالة والمحكمة الدولية، هو لكل اللبنانيين من دون استثناء، ويجب ان يكون، باذن الله، نقطة تحول في تاريخ مكافحة الجريمة السياسية المنظمة، في لبنان والوطن العربي، بمثل ما نريد ان يكون نقطة ارتكاز لوحدة اللبنانيين في مواجهة عوامل الانقسام ومحاولات الخروج على قواعد الوفاق الوطني». وعبّر باسمه «وباسم الوالدة وأخواتي وإخوتي، وجميع أفراد العائلة، عن أصدق مشاعر التضامن في هذا اليوم، مع أهلنا وأحبتنا، عائلات الشهداء الذين سقطوا الى جانب الرئيس الشهيد، وكذلك عائلات واصدقاء ورفاق شهداء المسيرة الوطنية الكبرى، التي أطلقت شرارة الحرية في لبنان والوطن العربي». وقال: «انها لحظة التحية الى عائلات كل شهيد من شهدائنا. الى كل أب وأم وأخ وأخت، اختاروا طريق العدالة لا الثأر، وطريق الحقيقة لا الانتقام، فأعطوا المعنى الكامل لتضحياتهم ولنضال اللبنانيين من أجل السيادة والحرية والاستقلال». وشدّد على «اننا جميعاً، جزء من عائلة وطنية لبنانية، تسجل في هذا اليوم، بكل الوفاء والتقدير، ما قدمه الاشقاء العرب، وسائر الاصدقاء في العالم، في سبيل تحقيق العدالة، وحماية لبنان من المسلسل الارهابي للجريمة السياسية. والوفاء يقتضي أيضاً، أن نجدّد الشكر لكل من ساهم في مجريات التحقيق في الجرائم التي استهدفت رموز لبنان، من أجهزة رسمية أمنية وقضائية لبنانية، الى فريق التحقيق الدولي، وكل من عمل وما زال يعمل في اطار المحكمة الدولية والملفات المرتبطة بها وفقاً للقرار 1757». وأكد ان «العدالة تقدم اليوم فصلاً جديداً من فصول الحقيقة. وما من شيء، يستطيع أن يعطل روح العدالة».واعتبر ان «المسؤولية تفرض على الجميع، مواكبة هذه الروح، والامتناع عن التشويش على مسار العدالة، وان نجعل من الاعلان عن صدور القرار الاتهامي، فرصة لقيام الدولة اللبنانية بمسؤولياتها، والتزام الحكومة اللبنانية، بالتعاون الكامل مع المحكمة الدولية، وعدم التهرب من ملاحقة المتهمين وتسليمهم الى العدالة التي هي ضمانة الديموقراطية والاستقرار». وأكد ان «الحكومة اللبنانية مدعوة سياسياً ووطنياً وقانونياً وأخلاقياً، الى تنفيذ التزامات لبنان تجاه المحكمة، ولا حجة لأحد في الهروب من هذه المسؤولية». وطلب «ألا يضع أحد إرادتنا موضع شك ولا قرار اللبنانيين المثابرة على إحقاق الحق في الاغتيالات التي طاولت كل شهداء ثورة الأرز، وأن يتأكد الجميع أن التهويل والتخويف لن ينفعا في كسر هذه الإرادة». وقال: «دفع لبنان ثمن هذه اللحظة، عقوداً من أعمال القتل والاغتيال من دون مساءلة أو محاسبة. وآن الاوان لوضع حد نهائي لهذا المسلسل المشين. نهاية زمن القتلة بدأت، وبداية زمن العدالة أوشكت. انتصر لبنان للعدالة الدولية، فانتصرت العدالة لأرواح الشهداء». وأضاف: «في هذه اللحظة لا يسعني إلا أن ألتفت إلى روح والدي الرئيس الشهيد وأرواح الشهداء الذين ناضلوا من أجل لبنان وأن أقول لهم إن دماءكم لن تذهب هدراً وأن الحقيقة بدأت ترى النور والعدالة آتية».