«صار لدينا بابا» إخراج: ناني موريتي - تمثيل: ميشال بيكولي وناني موريتي بعد فترة لم تكن قصيرة من تقديمه فيلمه السابق «الكايمان» عن برلوسكوني، ها هو المخرج والممثل الإيطالي الأشهر في ايامنا هذه، ناني موريتي، يعود بفيلم جديد موضوعه هذه المرة بابا الفاتيكان. لكنه هنا حبر أعظم غير حقيقي، يحدث له فور انتخابه ان يستبد به الندم على هذا الانتخاب، لأنه لم يعد يريد ان يمارس أي سلطة، صار همّه ان يهرب من هذا كله ويعيش بهدوء بعيداً من الأضواء. وهو يهرب بالفعل حتى اللحظة التي يستعاد فيها ويوضع تحت عناية طبيب نفسي يعالجه «معيداً إياه إلى جادة الصواب». وأهمية الفيلم هي هنا، في هذا القسم من الفيلم، الذي أدار فيه المخرج بين البابا والمحلل النفسي (لعب موريتي الدور بنفسه، ما أضفى على الفيلم طابعاً تساؤلياً تجاوز - ومن بعيد - حكاية البابا) حوارات ومواقف في منتهى الأهمية، تدور أساساً من حول الإبداع والمسؤولية. «الهافر» إخراج: آكي كوريسماكي – تمثيل: اندريه فيلمز وكاتي أوتينين إذا صدقنا هذا الفيلم، الذي هلل له النقاد الفرنسيون كثيراً خلال الدورة الأخيرة لمهرجان «كان»، ستكون مدينة الهافر الفرنسية الواقعة على بحر المانش، واحدة من اطيب المدن في العالم واكثرها اتباعاً لمبادئ البرّ والإحسان المسيحية. وكيف لا يكون الأمر كذلك في مدينة يساعد بعض الناس فيها بعضاً، ويضحّي بعضهم في سبيل بعضهم الآخر، بل إنهم حين يحلّ بين ظهرانيهم صبيّ أسود يبحث عن أمه آت على متن سفينة تنقله سرّاً إلى إنكلترا، وتطارده شرطة المدينة، يسارع اهلها الى مساعدته وإخفائه، بل ينظمون حفلاً موسيقياً صاخباً كي يجمعوا له ما يقارب خمسة آلاف دولار (!) لا بد من دفعها كي يصل الى الأراضي الإنكليزية التي لا تبعد اصلاً اكثر من 200 كلم عن الهافر؟ هل نحن في حاجة حقيقية هنا للاستطراد في الحديث عن حكاية هذا الفيلم والإشارة الى ان ثمة من توقّع له ان يفوز بالسعفة الذهبية؟ «باتر» إخراج: آلان كافالييه - تمثيل: آلان كافالييه وفنسان لندن ينتمي هذا الفيلم، الذي كان من بين عدد كبير من أفلام فرنسية عرضت خلال الدورة الأخيرة لمهرجان «كان»، الى نوع جديد من السينما السياسية على الطريقة الفرنسية، وهو نوع يعتمد في الدرجة الاولى على حوارات لا تنتهي وهمّه الأول الدخول في كواليس الراهن السياسي اكثر من خلق موضوعات سياسية اكثر عمومية وتجريدية في الوقت نفسه. يدور الفيلم حول مخرج سينمائي وممثل يتحاوران طوال عام وأكثر ضمن اطار صداقة تجمعهما من حول الراهن السياسي في بلدهما. ولسوف يقودهما هذا الحوار المتواصل بينهما الى لعبة – لا تخلو من ظرف على أي حال - يصبح فيها المخرج رئيساً للبلاد والممثل رئيساً للحكومة ضمن اطار السؤال الافتراضي التاريخي: ماذا لو...؟ ويمضي الاثنان في لعبتهما حتى النهاية بشكل لا يعود واضحاً معه ما اذا كانا مخرجاً وممثلاً يقومان بدوري الرئيس ورئيس حكومته، او أنهما رئيسان يحاولان لعب دورَي المخرج والممثل! «لا بد أن هذا هو المكان» اخراج: باولو سورنتينو - تمثيل: شون بن وفرانسيس ماكدورماند كان هذا، خلال دورة «كان» الأخيرة، واحداً من افلام عديدة شهدت تعبيراً عن ولع المخرجين الأوروبيين بتحقيق افلام اميركية، ذلك ان كل شيء أميركيٌّ هنا، ما عدا المخرج والتقنيين الآخرين، في عمل مميّز من المؤسف ان محكِّمي «كان» نَسُوه ليلةَ توزيع الجوائز. وكان الفيلم يستحق على الأقل، جائزةَ التمثيل الذكوري لبطله شون بن، الذي يلعب هنا دور مغني روك أَفِلَ نجمُه لكنه لا يزال مصّراً على مظهره الغريب والتصرف كما لو انه لا يزال في عز نجوميته... غير ان هذا كله ليس سوى قناع يخبّئ المغني خلفه مشروعاً اكثر خطورة وجدية بكثير: فحواه العثور على مسؤول نازي سابق كان هو من عذّب أباه ذات يوم. حين يصل المغني الى مبتغاه في نهاية الأمر، وبعد سلسلة مغامرات ومواقف وُفِّقَ المخرج في تصويرها، سيكتشف ان كل ما يفعله عبثٌ في عبث، ويتخلى عنه، مستردّاً في الوقت عينه عاديّته.