استهدفت غارات تركية كثيفة خلال الساعات الأخيرة، قرى وبلدات عدة في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سورية، تزامناً مع استمرار المعارك العنيفة لليوم العاشر على التوالي من عملية «غصن الزيتون» التي أطلقتها أنقرة بمشاركة فصائل من «الجيش السوري الحر» ضد المقاتلين الأكراد، فيما سرت أنباء عن إطلاق مسلحين موالين للنظام السوري النار بكثافة على رتل عسكري تركي في ريف حلب، ما اضطره إلى تغيير مساره. وأفاد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن، ب»تصعيد الطائرات التركية قصفها منذ ليل الاثنين - الثلثاء على منطقة عفرين»، مشيراً إلى «غارات مركّزة تستهدف ناحيتي راجو وجنديرس» الواقعتين غرب مدينة عفرين وجنوب غربها. ولفت عبدالرحمن إلى أن «القوات التركية والفصائل المعارضة تستميت للسيطرة على بلدتي راجو وجنديرس، حيث تخوض معارك عنيفة ضد القوات الكردية»، فيما أفادت وكالة أنباء «الأناضول» بأن القوات االتركية و»الجيش السوري الحر» سيطرا على قريتي صاتي شاغي وسليمان خلال التابعتين لبلدة راجو في محيط عفرين. وأوضح الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب في عفرين بروسك حسكة، أن قصف الطيران التركي لم يتوقف منذ الاثنين، مشيراً إلى معارك عنيفة متواصلة في جندريس. وتردّد صدى ضربات متتالية في مدينة عفرين التي لا يفارق الطيران التركي أجواءها، فيما سقط صاروخ على مبنى في بلدة كيليس التركية مصدره شمال سورية، من دون أن يؤدي إلى إصابات. وحاولت القوات التركية تعزيز مواقعها في شمال سورية، وأفاد «المرصد السوري» بدخول رتل عسكري كبير إلى منطقة العيس في ريف حلب الجنوبي، إلا أنه اضطرّ الى تغيير مساره ليل الاثنين - الثلثاء، بعد إطلاق مسلحين موالين للنظام ليلاً النار بكثافة على خط سيره، كما كشف عبدالرحمن، لافتاً الى «انسحاب الآليات العسكرية والقوات المرافقة لها إثر ذلك إلى ريف حلب الغربي». ولم يصدر أي تعليق من الجانب التركي حول الحادثة، فيما أكد «المرصد» أن الأتراك يسعون الى إنشاء نقطة تمركز في العيس على بعد أربعين كيلومتراً جنوب عفرين. ومنذ بدء الهجوم في 20 الشهر الجاري، تسبّبت المعارك والقصف بمقتل 67 مدنياً، من بينهم 20 طفلاً، إضافة الى 85 مقاتلاً من «وحدات حماية الشعب» الكردية و81 عنصراً من الفصائل المعارضة، في حصيلة نشرها «المرصد». في المقابل، أعلن وزير الدفاع التركي نور الدين جانكلي، «تحييد 649 إرهابياً على الأقل منذ انطلاق عملية غصن الزيتون»، فيما خسر الجيش التركي 5 جنود وفق ما أفاد الوزير. ووسط أجواء من الغضب والحزن، شيّعت مدينة عفرين 8 مدنيين و16 مقاتلاً من الوحدات الكردية قضوا خلال المعارك والقصف. وألقى الجيش التركي منشورات من الجو على المدينة، دعا فيها الأهالي إلى «التوحد ضد التنظيمات الإرهابية». ولفتت المنشورات إلى أن عفرين «ستبقى لسكانها الأصليين». في غضون ذلك، جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التأكيد أمام نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في أنقرة، أن الهجوم على عفرين «لن يتوقف حتى إنهاء التهديد الإرهابي لحدودنا». وأشاد ب»الجيش السوري الحر»، مشيراً إلى أنه «مكون سوري وطني يدافع عن بلاده، ويضم في صفوفه أشخاصاً من الأعراق والمعتقدات كافة». وأوضح الرئيس التركي أن «الجيش السوري الحر يشبه قوى المقاومة الشعبية التي تشكلت في تركيا في عشرينات القرن الماضي، لمواجهة الجيوش الأوروبية الغازية». قتلى في إدلب وفي محافظة إدلب شمال غربي سورية، قتل ثمانية مدنيين على الأقل وأصيب آخرون بجروح أمس، نتيجة غارات لقوات النظام السوري استهدفت سوقاً في مدينة أريحا. وتتعرض مناطق في المحافظة الخاضعة لسيطرة المعارضة لغارات كثيفة من قوات النظام، تسببت الاثنين بمقتل 21 مدنياً، قضى 16 منهم في قصف على سوق للخضار في مدينة سراقب. وأدانت منظمة «أطباء بلا حدود» القصف الجوي الذي استهدف مستشفى تدعمه في سراقب شمال سورية، وأسفر عن سقوط ضحايا وخروجه عن الخدمة. وأكدت المنظمة أن «مستشفى عدي» تعرض الاثنين، لغارتين جويتين أسفرتا عن مقتل خمسة مدنيين بينهم طفل، وجرح ما لا يقل عن ستة آخرين، معتبرةً أن هذا الهجوم «يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، ويظهر مدى الوحشية التي تتعرض لها المرافق الطبية في سورية». وأشارت المنظمة إلى أن «المستشفى خرج عن الخدمة إلى أجل غير مسمى نتيجة تضرر أجزاء منه وسيارة إسعاف»، لافتة إلى أن القصف حصل أثناء إسعاف جرحى أصيبوا بقصف جوي.