استأنفت القوات التركية أمس، قصفها المكثف على عفرين ومحيطها شمال سورية في محاولة لاختراق خطوط «وحدات حماية الشعب» الكردية ضمن عملية «غصن الزيتون» التي تشنها أنقرة وفصائل من «الجيش السوري الحر» ضد المقاتلين الأكراد، وحققت التقدم الأهم حتى الآن بعد سيطرتها على جبل استراتيجي في المنطقة. وأعلنت وكالة أنباء «الأناضول» التركية أن الجنود الأتراك ومسلحي «الحر» سيطروا على جبل برصايا الاستراتيجي، بعد قصف جوي وبالمدفعية على الجبل الواقع في عفرين شمال غربي سورية، مستفيدين من طقس ملائم بعد أيام من الأمطار والضباب. ونقلت الوكالة عن القوات التركية إعلانها استمرار «عمليات تمشيط الجبل من الإرهابيين بعد السيطرة عليه». وأوضح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن أن الاشتباكات العنيفة تركزت في جبل برصايا، نظراً لموقعه الاستراتيجي الذي يرصد مدينة إعزاز في حلب وكيليس في تركيا ويعطي إمكان التقدم في مناطق واقعة شمال شرقي عفرين. وأشارت وكالة «فرانس برس» إلى أن عمليات القصف المدفعي والغارات الجوية التركية بدت أقوى من الأيام الماضية، فيما أكد «المرصد» أن الاشتباكات توسّعت أمس. وكان العسكريون الأتراك وحلفاؤهم من المقاتلين السوريين المعارضين أكدوا الإثنين الماضي سيطرتهم على جبل برصايا بعد معارك عنيفة، ثم خسروه بعد ساعات، فيما أوضحت «الأناضول» أن القوات التركية ومسلحي «الحر» كانوا سيطروا في وقت سابق على 18 نقطة تابعة للأكراد وهي 14 قرية و3 تلال ومزرعة. وتناول الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان أمس مسألة المعارك في جبل برصايا قبل إعلان أنقرة سيطرة قواتها عليه، وقال في خطاب في كوروم، وسط تركيا: «تحدثت للتو إلى أحد القادة العسكريين وقال لي إن شاء الله سنسقط جبل برصايا في وقت قريب جداً». وكشف أردوغان أن «بلاده تعمل على استعادة عسكري أسير بيد الإرهابيين؛ مقابل أسرى من الإرهابيين بيد القوات التركية»، مجدداً التأكيد أن «غصن الزيتون» ستشمل مدينة منبج و «سيدفع الإرهابيون ثمناً باهظًا نتيجة اعتدائهم على الحدود التركية». وأتى تأكيد أردوغان بعد ساعات من دعوة وزير خارجية مولود جاويش أوغلو واشنطن الى سحب قواتها المنتشرة في منبج الواقعة على بعد نحو مئة كيلومتر الى الشرق من عفرين. ونفى الرئيس التركي وجود طموح لدى بلاده ب «اقتطاع أراضٍ من عفرين وسورية»، مشيراً إلى أن العمل جارٍ لإعادة 3,5 مليون سوري تستضيفهم تركيا إلى ديارهم. في غضون ذلك، أفاد «المرصد» بأن قصفاً تركياً على عفرين ألحق أضراراً مادية بمعبد عين دارة الأثري الذي يعود تاريخه إلى العصر الحديدي ويضم بقايا منحوتات ضخمة من حجر البازالت ونقوشاً على الجدران. وأصدرت المديرية العامة للآثار والمتاحف التابعة لوزارة الثقافة السورية بياناً دانت فيه ما وصفته «بعدوان النظام التركي»، وقالت إنه أدى «إلى تدمير معبد عين دارة». ودعا البيان «المنظمات الدولية المعنية وكل مهتم بالتراث العالمي إلى «إدانة هذا العدوان والضغط على النظام التركي لمنع استهداف المواقع الأثرية والحضارية». إلى ذلك، نفّذت مقاتلة كردية تابعة ل «وحدات حماية المرأة» التابعة ل «وحدات حماية الشعب» الكردية، عملية انتحارية أمس في قرية الحمام في جنديرس شمال غربي حلب. وأشار المكتب الإعلامي ل «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) التي تشكل «الوحدات» غالبية عناصرها، إلى أن الانتحارية تدعى آفستا خابور وفجرت نفسها السبت الماضي أمام دبابة للقوات التركية في المدينة، ما أدى إلى إعطاب دبابة ومقتل من فيها. وأسفرت العملية التركية المتواصلة منذ 20 الشهر الجاري عن مقتل خمسة جنود أتراك، وفق هيئة الأركان التركية، فيما جُرح أربعون جندياً آخرون. وأكد «المرصد» مقتل 69 مسلحاً من المعارضة السورية و66 مسلحاً كردياً في المواجهات. كما تضرر المدنيون، إذ قتل 44 مدنياً معظمهم في عمليات قصف تركية وفق «المرصد»، فيما تنفي أنقرة قصف مواقع لسكان مدنيين.