شيعت مدينة عفرين في شمال سورية اليوم (الاثنين)، 24 شخصاً بينهم ثمانية مدنيين قتلوا نتيجة المعارك والغارات التركية على قرى وبلدات عدة في المنطقة الحدودية ذات الغالبية الكردية التي تشكل هدفاً لهجوم تشنه أنقرة مع فصائل سورية معارضة. وأمام مستشفى «أفرين» الرئيس في مدينة عفرين التي ما تزال في منأى من المعارك والغارات، شارك مئات من الأهالي في تشييع ثمانية مدنيين قتلوا نتيجة الغارات التركية على قرى حدودية بالاضافة إلى 16 مقاتلاً ومقاتلة من «وحدات حماية الشعب» الكردية قضوا خلال المعارك ضد القوات التركية والفصائل السورية المعارضة في اليومين الأخيرين. وشاهد مراسل وكالة «فرانس برس» مدنيين ومقاتلين يتناوبون على حمل النعوش على أكتافهم وسط أجواء من الحزن والغضب، بينما كان أقرباء الضحايا يجهشون بالبكاء. وردد المشيعون هتافات بينها «بالروح بالدم نفديك يا شهيد» و«يسقط يسقط أردوغان» وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذتها قوات الأمن الكردية. وتزامن التشييع مع دوي غارات تركية على القرى الحدودية وصل صداها الى مدينة عفرين تزامناً مع تصاعد أعمدة الدخان الأسود من المناطق الواقعة شمالها. وتسببت الغارات الجوية التركية أمس في مقتل 14 مدنياً بينهم خمسة أطفال وفق حصيلة ل«المرصد السوري لحقوق الانسان»، ما يرفع حصيلة القتلى في صفوف المدنيين منذ بدء الهجوم إلى 55 قتيلاً على الأقل. وتشن تركيا منذ 20 كانون الثاني (يناير) الجاري هجوماً على منطقة عفرين الحدودية الواقعة في شمال محافظة حلب، تقول انه يستهدف «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبرها «ارهابية». وكثفت تركيا اليوم قصفها على المنطقة. وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إن الطائرات التركية «تكثف غاراتها الاثنين مع استمرار القصف المدفعي على منطقتي راجو وجنديرس» عند الأطراف الشمالية والغربية لعفرين. وتدور اليوم وفق «المرصد»، معارك عنيفة بين القوات التركية والفصائل الموالية لها من جهة والأكراد من جهة أخرى في تلك المناطق. وتمكنت القوات المهاجمة منذ بدء الهجوم الذي أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصميمه على مواصلته، من السيطرة على ثماني قرى حدودية، بحسب «المرصد». وتحد تركيا منطقة عفرين من جهتي الشمال والغرب، فيما تحدها مناطق سيطرة الفصائل السورية المعارضة من جهتي الجنوب والشرق. وتمكنت القوات التركية مع حلفائها في عملية «غصن الزيتون» أمس من السيطرة على تلة برصايا الاستراتيجية، المشرفة على مدينة كيليس التركية وأعزاز السورية. وتبادلت القوات التركية والمقاتلون الأكراد السيطرة على هذه التلة مرات عدة خلال الأيام الأخيرة. وأعلى هذه التلة، شاهد مراسل «فرانس برس» اليوم وصول قائد الجيش الثاني في القوات التركية وقائد الهجوم على عفرين إسماعيل متين تمل وسط استنفار عسكري واجراءات مشددة، لتفقد قواته التي تمركزت في الموقع. وعملت آليات تركية على استحداث سواتر ترابية على شكل دائري، تمركزت داخلها دبابات ومدرعات تزامناً مع عمل وحدات متخصصة على ازالة الألغام. وسرع إعلان التحالف الدولي بقيادة واشنطن عمله على تشكيل قوة أمن حدودية تضم مقاتلين أكراد، بدء تركيا هجومها على عفرين بعد التلويح به منذ أشهر عدة. وتخشى أنقرة من إقامة الأكراد حكماً ذاتياً على حدودها في مناطق سيطرتهم في شمال وشمال شرقي سورية على غرار كردستان العراق. وعلى رغم التوتر بين تركيا والولايات المتحدة، العضوان في «حلف شمال الاطلسي»، أبدى أردوغان أمس تصميمه على توسيع الهجوم نحو الشرق وخصوصا مدينة منبج التي تسيطر «قوات سورية الديموقراطية» عليها وحيث تنشر واشنطن جنوداً هناك. وفي مقالة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية، حمل وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو على واشنطن «تسليحها منظمة ارهابية تهاجم» تركيا في اشارة الى «وحدات حماية الشعب» الكردية. ومنذ بدء الهجوم، أقرت أنقرة بمقتل سبعة جنود أتراك، فيما أكد «المرصد السوري» مقتل 76 عنصراً من الفصائل المقاتلة المدعومة من تركيا و78 مقاتلا كردياً. وعبرت دول عدة بينها ألمانيا وفرنسا وكذلك الاتحاد الأوروبي عن القلق ازاء التدخل التركي الذي يزيد من تعقيد الوضع في سورية، حيث أوقعت الحرب أكثر من 340 الف قتيل منذ اندلاعها العام 2011.