تستعد المخرجة السورية الشابة إيناس حقي لتقديم عمل اجتماعي بعنوان «زهر الخريف»، وهو خامس أعمالها كمخرجة، بعد «زمن الخوف» (2006)، و«رائحة المطر» (2008)، و«أصوات خافتة» (2009)، و«أبو خليل القباني» (2010). وعلى رغم صغر سنها، استطاعت حقي ان تفرض نفسها على الساحة الدرامية السورية بقوة، بخاصة مع آخر أعمالها «أبو خليل القباني». «الحياة» التقت حقي في حوار حول تجربتها الأخيرة ومشاريعها. عن جديدها تقول حقي: «نحضّر حالياً لعمل اجتماعي معاصر بعنوان «زهر الخريف» لا يزال في طور الكتابة، ونعتمد فيه على ورشة سيناريو تضم مجموعة من الكتاب، ويتكون من أربع سباعيات، يكتب كل واحدة كاتب مختلف، ونرصد من خلاله الحياة الجامعية، وقد أنهينا السباعية الأولى على صعيد الكتابة، وأنا متفائلة بهذا العمل كثيراً». وعن تقويمها لآخر أعمالها «أبو خليل القباني»، تقول: «التجربة بالنسبة إلي من أجمل التجارب التي عشتها، فحال البحث عن تفاصيل الشخصية وحيثياتها تحولت إلى هاجس دائم ساهم في الصورة التي ظهرت في النهاية، لكن التزامنا بالموسم الرمضاني وانشغالنا بالتصوير حتى 26 منه، ترك عدداً من التفاصيل التي لم أستطع أن أحققها في العرض الأول. من هنا أعمل على التفاصيل الصغيرة لتقديمها في العرض الثاني، ومن سيرى العرض المقبل سيلمس الاختلاف بين النسختين، ولكن مع ذلك أعتقد أن النسخة الأولى التي عُرضت قدمتني وقدمت الشخصيات في شكل محترم، متوازن، وأوصلت الرسالة الهادفة من العمل ككل». وتعزو حقي سبب موافقتها على تقديم العمل بنسخة مشفّرة، الى عدم وجود أي شركة إنتاج غير مشفرة قادرة على إنتاج المسلسل بالصورة الأنسب، «فالخيار كان أمامنا إما تقديم العمل مع «أوربت» وإما عدم تقديمه من الأساس. اما ما دفعنا للموافقة على شروط العمل المشفّر فيعود لأهمية المشروع وضرورة وجوده، فنحن قدمنا وثيقة لشخصية لا يوجد عنها الكم الكافي من الوثائق مقارنة مع حجمها وقيمتها الاعتبارية وما قدمته للثقافة والفن». وتقول صاحبة ال 30 عاماً عن طريقة تعاملها مع الفنيين والممثلين بالنظر إلى صغر سنها: «أتعامل بسهولة، فالمسألة التي تشغل المراقب وتتعلق بعمري، لا تشغل العامل خلال التصوير، ولم أتعرض أبداً لمشكلة تتعلق بعمري أو بكوني أنثى، وعلى أرض الواقع لا يوجد أي مشكلة مع الفنيين أو الممثلين من هذا النوع، فالعاملون في الدراما السورية محترفون بكل معنى الكلمة، ويدركون تماماً شرط الاحتراف». وعن المدرسة الإخراجية التي أنشأها والدها المخرج هيثم حقي وما تعلمت منه، وما الذي أضافته في تجربتها الأخيرة الى النظرية الأساسية، تقول: «كل تلاميذه يعملون بالطريقة ذاتها التي يعمل بها، من خلال استخدام اللغة السينمائية في التلفزيون، واعتبار الكاميرا كعين مشاهد خارجي تراقب الحدث ولا تنفعل معه. وعلى رغم أننا نعمل بالطريقة ذاتها، لكنّ أعمالنا لا تتشابه، فكل واحد يرى الحياة بطريقة مختلفة، وكيفية تناول النص وكيفية تعامل الممثلين والرؤية الخاصة هي ما تميز كل مخرج عن الآخر، فمثلاً في «أبو خليل القباني»، عملت على افتراض أن هذه الشخصية ترى الحياة مسرحاً، ولذلك اعتمدت في غالبية المشاهد التي يتواجد فيها أبو خليل على وجود جدار رابع، كما حرصت على أن تكون الكاميرا مراقباً خارجياً». وتقول صاحبة مسلسل «رائحة المطر»، الذي يعدّ اول الأعمال التي طرقت باب الجرأة في طريقة الطرح والمعالجة عن مفهوم الجرأة: «أنا مع الجرأة بكل أشكالها، طبعاً من دون خدش الحياء، ولكن من الضروري أن يكون لدى القنوات العارضة تقويم عمري. فعندما نقول إن هذا المسلسل لسن ما فوق 18 سنة، عند ذلك يصبح مسموحاً أن نناقش فنقدم للمُشاهد وجهة نظر الكاتب أو المخرج. لماذا نريد دائماً أن نكون أوصياء على المشاهد، ونقرر عنه؟ في حال التقويم العمري يصبح رب الأسرة مسؤولاً عن أولاده وما يشاهدون، وليست مسؤولية الجهة المنتجة، وعندها نستطيع تقديم ما نريد. وعندما يقدم مخرج أو كاتب وجهة نظر ما، يأتي الرد من الآخرين أيضاً على الصعيد الفني بعمل آخر، وهذا ما رأيناه في الدراما المصرية العام الماضي، فمسلسل «الجماعة»، مثلاً، لم يلق إعجاب جماعة الإخوان، ما دفعهم لتحضير عمل آخر يقدم وجهة نظر مختلفة، ليصبح المشاهد أمام وجهتي نظر يمكن أن يختار منهما ما يناسبه». وعن رأيها في الدراما السورية، تقول: «المسلسلات متفاوتة القيمة، ولا نستطيع تعميم حكم ما، فالدراما السورية تحوي كل الأشكال والأنواع، وتختلف في مستوياتها، وعلينا المحافظة على هذا الاختلاف، ويجب عدم محاربة ظواهر معينة وتغييب أنواع درامية على حساب أنواع أخرى، فما دامت عجلة الإنتاج دائرة وهناك إمكانية لتقديم كل الأنواع الدرامية وكل وجهات النظر، فهذا يعود بالفائدة على الدراما ككل».