من يتابع الفضائيات الفلسطينية على اختلاف تصنيفاتها (رسمية، حزبية، خاصة، تعليمية) يُدرك أنها فعلياً خارج المنافسة التي فرضتها دورات البرامج الخاصة بالقنوات العربية ذات الثقل والتي تتمتع بالموازنات الضخمة، مصرياً وخليجياً ولبنانياً. وليس من المجحف إن قلنا إننا لم نجد فضائية فلسطينية واحدة قدمت ما يصلح أن يكون منتجاً فنياً منافساً لما تقدمه نظيراتها العربية. وأمام شح الموازنات وعدم تقدير حجم المنافسة التي تقف في طريق أي تجربة فضائية كان الاعتماد على البرامج المنتجة محلياً داخل الاستوديو، وهي ضعيفة فنياً، او الخروج الى الشارع عبر برامج يومية تلتقي مع المواطنين وتسألهم الأسئلة التقليدية. لكنّ الظاهرة الأبرز تمثلت في إعادة بث برامج ومسلسلات من مواسم رمضانية سابقة، سواء حققت نجاحاً أم لا، لتصبح الدورة قائمة على برامج ومسلسلات معادة، حضرها المشاهدون على قنوات عربية أكثر من مرة. ساعات تلفزيونية يعاد بثها على شكل مسلسلات وبرامج صحية ودينية والهدف هو إتمام جدول البث اليومي من دون أي تفكير جدي بالقيمة التي تتحقق من فعل كهذا، وما إذا كان يتوافر جمهور يتلقّى ما تقدمه «الفضائيات المحلية!». تُعيد إحدى الفضائيات الفلسطينية بثّ مسلسل «الجماعة1» (إنتاج 2010)، فيما نجد على فضائية أخرى مسلسل «التغريبة الفلسطينية» (إنتاج 2004)، وهو العمل الذي شاهده الفلسطينيمرات عدة. وثمة قناة ثالثة تعيد بث مسلسل «الأغراب» (إنتاج 2015)، وقناة رابعة تعيد بث مسلسل «كفر اللوز» الكوميدي (إنتاج تلفزيون فلسطين عام 2016). الحال نفسها في ما يخصّ البرامج، بحيث نتابع مثلاً إعادة لبرنامج «ظريف الطول» (إنتاج عام 2016)، الذي يختص بالزجل الشعبي، والقائمة تطول لتشمل الكثير من البرامج الصحية والغذائية والدينية المعادة. وقد تجد أحياناً ثلاث شاشات تبث العمل الدرامي ذاته، فيما تبثه شاشتان منهما في التوقيت عينه. من هنا نسأل عن سبب غياب سياسة تلفزيونية تُنظّم عرض البرامج المعادة، بينما يبقى السؤال الحقيقي متمثلاً في الجدوى التي يمكن أن تحققها إعادة هذه الأعمال. والجواب يظلّ واضحاً: الفضائيات الفلسطينية تبدو خارج المنافسة ما دامت لا تُقدّم الجديد الى المشاهد. فكيف يمكن هذه الشاشات أن تُقنع المشاهد المتخم بالخيارات بضرورة توقفه عندها والعودة إليها ثانية؟ ولا حلّ لهذا المأزق الكبير إلا بتوحيد الجهود الانتاجية من جهة، وبالعمل على ابتكار برامج ومسلسلات جيدة فنية تحاكي الواقع المحلي وتضمن جذب المشاهد اليها. وأخيراً قد يكون الحل بالنسبة الى بعض الفضائيات أن تتواضع قليلاً وتحتجب عن الظهور طوال الشهر الفضيل (توفر وقتها ومالها وجهد القائمين عليها) وتقدم ما يفترض أن تجود به إلى جمهورها بعد انتهاء الشهر حيث يكون وغى معارك التنافس والصراع الشرس على الجمهور قد وضعت أوزارها. أمّا حسم هذا النقاش فيتمثّل في استطلاعات الرأي العام (المهنية) التي تضعنا أمام حقيقة الأرقام ونسب المشاهدة وتفضيلات الجمهور.