أجرت “شمس” أخيرا متابعة للمحتوى البرامجي ل30 محطة فضائية عربية بعد منتصف الليل واستغرقت هذه المتابعة شهرا من البحث والتقصي، وكان الباعث الأساسي لها شكوى كثير من المشاهدين من ضعف المحتوى الإعلامي لكثير من القنوات العربية، التي تتخلى عن وقارها، واتزانها، ويضعف المحتوى البرامجي لها في آخر (ست) ساعات من البث الليلي، وتم اختيار عدد من القنوات الخاصة للدخول في هذا البحث، وكانت النتيجة أن نسبة 63 في المئة من القنوات تتحول إلى محطات (شات) وتعارف ومسابقات بين المراهقين، وتعتمد على رسائل ال(إس إم إس) بصورة كبيرة في دخلها وتكاليف حجز القمر الفضائي عبر (النايل سات)، و 18 في المئة من القنوات تعتمد على البرامج الغنائية للحفلات المسجلة والمعادة بصفة يومية، وحلت ثالثا بنسبة تسعة في المئة البرامج المعادة، حيث تعتمد كثير من المحطات على إعادة بث كثير من برامجها الصباحية، التي تستمر عادة إلى بعد الفجر. ثمانية في المئة من هذه المحطات تعرض تلاوات قرآنية ومحاضرات دينية، واثنان في المئة تقدم غير ما سبق، الذي يندرج تحته (أفلام وثائقية - نشرات أخبار... إلخ). وفيما لو أسقطنا هذه النسب على ما يبث في القنوات الفضائية الأوروبية في التوقيت نفسه سنجد أن هناك قنوات تراعي أن يكون بثها الفضائي صالحا لفئات عمرية، ويراعي الفروقات السنية لدى المشاهدين؛ لأن كثيرا من هذه القنوات الخاصة تضع في اعتبارها نوعية المشاهد وفئته العمرية. حيث يتضح من المتابعة التي قامت بها “شمس” أن الفئة العمرية من 40 فما فوق من الجنسين هم الأقل حظا في نوعية البرامج، التي يرتدي السواد الأعظم فيها الكاب والبرمودا! وقال عمار بكار، مدير الإعلام الجديد في مجموعة mbc، إن الانخفاض الحاد الذي تعانيه القنوات الفضائية فيما بعد الساعة ال12 (بتوقيت مكةالمكرمة) يعود إلى قيمة الميزانية في بعض القنوات؛ حيث إن المعلن يختار الوقت المناسب في زيادة المشاهدين؛ ما يدعّم القناة من الناحية المالية في إعداد البرامج ذات القيمة المهنية العالية. في الوقت الذي ذكر فيه أن هناك فئة كبيرة من الناس لا تتمكن من مشاهدة البرامج الفضائية إلا في ساعة متأخرة من الليل بحكم الأعمال الكثيرة في النهار. وأضاف: “الوضع قد يختلف في القنوات التي تعود إلى مؤسسات حكومية، والتي لا تنتظر التمويل من المعلن؛ فلها الحرية في مخاطبة الجمهور، وبعض القنوات الأوروبية توجد لديها المشكلة نفسها في العرض المتأخر؛ فيسعى البعض منها إلى تأجير الساعات المتأخرة من الليل لمؤسسات إنتاج لممارسة التدريب على قيادة القناة في المستقبل”. وتابع بكار: “هناك البعض الآخر الذي يحوّل الساعات المتأخرة إلى برامج معلوماتية من الناحية الدعائية في الشرح المفصل من صاحب المنتج المعروض”. وأشاد بتجربة القناة الأمريكية في الاهتمام بجانب توازن الطرح مع الفئات العمرية؛ حيث قال إن التجربة كانت رائدة؛ فأصبحت القناة المخصصة للأطفال تغلق برامجها المخصصة للأطفال في الساعة الثامنة مساء لمساعدة الأسر على ترتيب وقت نوم الأطفال المبكر، ويتحول محتوى القناة مباشرة إلى برامج تناسب الكبار. إلا أن المدير العام للإعلام الجديد أكد أن هناك إشكالية في توقيت القنوات الفضائية العربية؛ حيث إنها مقصرة في مخاطبة المغرب العربي في مراعاة فارق التوقيت ونوعية البرامج المقدَّمة في توقيت الذروة لدى مجتمع المغرب العربي. من جانب آخر أكد محمد الوشع مدير البرامج في قناة الدانة الفضائية أن تجربة القناة في بث برامج مباشرة تلامس هموم المجتمع، وتستمر ساعتين، كان لها قبول كبير من المشاهدين قياسا بالنسبة إلى الاتصالات ورسائل sms، التي كما ذكر كانت مفاجأة بالنسبة إلى فريق العمل؛ حيث ذكر أن المشاهد العربي في هذا الوقت (أي ما بعد ال12) يكون بنسبة كبيرة متواجدا أمام الشاشات الفضائية؛ فوجدنا من المناسب فتح نافذة جديدة تختص بمعالجة قضايا المجتمع بكل أريحية وجرأة طرح، خاصة القضايا التي تخص الشباب والفتيات الذين يشكلون النسبة الأكبر من المشاهدين، ووجدنا تفاعلا كبيرا، بل وتغيير الكثير من المفاهيم لدى المشاهدين؛ حيث إن الكثير من الرسائل التي تصل إلينا تؤكد أن المشاهدين قللوا من التوجُّه إلى المسلسلات التركية والبرامج الهابطة التي لا تتناسب مع خصوصية المجتمع السعودي.