قوبل تعيين الجنرال المتقاعد جايمس ماتيس وزيراً للدفاع في إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بترحيب في أوساط الجمهوريين وزعيم مجلس النواب بول ريان الذي وصفه ب «الخيار الممتاز» فيما لوّح ديموقراطيون بمعارضته كونه ليس شخصية مدنية. واستمرت الاستشارات حول تعيين وزير الخارجية أمس، وهو الأمر المتوقع الأسبوع المقبل، كما قال الرئيس المنتخب. والتقى ترامب أمس السفير السابق جون بولتون، أحد المرشحين للخارجية، فيما برز اسم السناتور بوب كوركر كمرشح تسوية في ظل استمرار التجاذب حول حاكم ماساشوستس السابق ميت رومني لمعارضته ترامب خلال الحملة، واعتراضات على عمدة نيويورك السابق رودي جولياني المقرب من الرئيس الجديد. وسيحدد منصب الخارجية النهج الذي سيسير عليه ترامب، بين خط أكثر تشدداً في حال اختار بولتون أو جولياني أو مسار وسطي في حال تم ترشيح رومني أو كوركر. وكان الرئيس الأميركي المنتخب حسم حقيبة الدفاع للجنرال المتقاعد ماتيس الذي يعتبر إحدى الشخصيات الأكثر نفوذاً في مجال الأمن القومي، ويُعرف بتشدده في التعامل مع إيران على رغم قبوله الاتفاق النووي الذي وقعه الغرب معها منتصف 2015. وهو اعتبر في 2012 أن إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد ستوجه أكبر ضربة استراتيجية الى إيران منذ 25 سنة. وكانت صحيفة «واشنطن بوست» سباقة في إعلان نبأ تعيين ماتيس، ثم قال ترامب خلال تجمع في ولاية أوهايو لشكر أنصاره على انتخابه: «سيكون الكلب المجنون (لقب ماتيس في البحرية الأميركية) وزير دفاعنا المقبل». ويعكس اللقب شراسة ماتيس في المعارك التي خاضها طيلة 44 سنة، واعتباره احد أفضل وأبرع الأسماء في القيادة العسكرية الأميركية، ومن المفكرين العسكريين المبدعين في الجيش الى جانب الجنرال السابق ديفيد بترايوس الذي صاغ معه استراتيجية مكافحة التمرد في العراق. ومن أقوال ماتيس: «كن مهذباً ومهنياً، لكن امتلك دائماً خطة لقتل الجميع». وغادر ماتيس إدارة باراك أوباما في 2013 حيت كان قائد القيادة الوسطى بعد خلاف قوي في شأن تصرفات إيران في مياه الخليج وتحرشها بالبحرية الأميركية والحلفاء. وقال في محاضرة بمعهد الدراسات الاستراتيجية في واشنطن في نيسان (أبريل) الماضي أن «النظام الإيراني هو التهديد الأطول للاستقرار والسلام في الشرق الأوسط». ودعا الى استراتيجية مزدوجة لمحاربة إيران وتنظيم «داعش» إقليمياً، كما أيد أمام لجنة نيابية في 2012 تسليح «الثوار» في سورية لإسقاط الأسد، وانتقد «التراجع الأقصى منذ 40 سنة لتأثير أميركا في الشرق الأوسط، ما سيجعل خليفة أوباما يرث فوضى في المنطقة». وعارض ايضاً «الإسلام السياسي الذي يُضرّ بمصلحة واشنطن». لكن دعوته الى احتواء إيران إقليمياً، لم تمنع ماتيس من تأييد الاتفاق النووي مع إيران، والذي يُطالب بإبقائه مع تشديده على أن عدم حصول اجماع على العقوبات سيعطل قدرتها على إلحاق أذى بطهران. وقبل توليه القيادة الوسطى كان ماتيس قائداً للحلف الأطلسي (ناتو) بين 2007 و2010، لذا يُهدئ تعيينه مخاوف الحلفاء من تخلي ترامب عن التزامات أميركا الأمنية في «الناتو» لمصلحة روسيا، علماً أن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون صرح، في أول خطاب رئيسي له حول السياسة الخارجية ألقاه في مركز أبحاث «تشاتام هاوس»، بأن «الرئيس الأميركي المنتخب كان محقاً في تأكيد ضرورة ألا يعتمد الحلف إلى حد كبير على الإنفاق الدفاعي لدولة واحدة». وسيحتاج ماتيس الى إذن خاص من الكونغرس لتولي منصبه، لأنه لم يمضِ ست سنوات على تركه الخدمة العسكرية، وهو شرط أساسي لأي وزير دفاع من أجل الحفاظ على الصورة المدنية على رأس الوزارة. ورفضت السناتور الديموقراطية كريستن غيليبراند التصويت لماتيس، لكن مراقبين توقعوا أن يجمع عدد أصوات كافياً للمصادقة على تعيينه. على صعيد آخر، أبلغ الرئيس الصيني شي جينبينغ وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر بأن بكين تتابع السياسة الأميركية «عن كثب»، بعد فوز ترامب بالرئاسة، والذي كان تعهد بفرض رسوم جمركية نسبتها 45 في المئة على السلع الصينية المستوردة، واتهم بكين بالتلاعب في سعر عملتها. وقال شي: «إننا في لحظة مهمة، ونريد أن نرى العلاقات بين الصين والولايات المتحدة تتقدم بطريقة مضطردة ومستدامة، ويجب أن يلتزم البلدان بالتنمية المضطردة للعلاقات التجارية الثنائية ذات المنفعة المتبادلة».