تغيرت التوازنات الحزبية وتلك التي تتحكم بالعلاقة بين الكونغرس الجمهوري والبيت الأبيض بعد انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيساً. وصعّد النواب تحركهم لفرض رقابة على الرئيس المنتخب، مع تأكيد السناتور الجمهوري راند بول أنه سيعرقل «بأي ثمن» تعيين جون بولتون وزيراً للخارجية، وتبين ان تشكيل «ادارة ترامب» سيتاخر بسبب المصالح المتضاربة والمضادة بين المستشارين كما تحدثت اجهزة الاعلام الأميركية. فيما وافق مجلس النواب على عقوبات جدية تستهدف قيادات الرئيس السوري بشار الأسد وروسياوإيران. وحرص الرئيس المنتخب على نفي تقارير إعلامية أوردتها صحيفة «نيويورك تايمز» ومحطة «سي إن ان» عن أجواء «فوضوية متوترة» تسود محادثات تشكيل فريقه، مؤكداً أن «العمل على اختيار حكومتي ومناصب أخرى يجري في شكل منظم جداً، وأنا الوحيد الذي يعرف على من سيقع الاختيار في النهاية». ووصف «نيويورك تايمز» بأنها «ممتعضة الى حد أنها بدت سخيفة في تغطية نشاطاتي». وأكد السناتور بول الليبيرالي الميول والذي يرأس لجان العلاقات الخارجية والخدمات المسلحة، أنه سيفعل «كل ما هو مطلوب» لمنع بولتون من أن يصبح وزيراً للخارجية، وبينها «عرقلة تصويت الكونغرس، وجلسات اللجنة التي سيحتاج بولتون الى موافقتها لتولي المنصب. وتحفظ بول عن تأييد بولتون للحرب على العراق ودعوته إلى ضرب إيران. كما أبدى اعتراضات على المرشح الآخر لمنصب وزير الداخلية رودي جولياني، لكنه لم يستبعد تأييد ترشيحه. ويبقى جولياني الأوفر حظاً لكسب الترشيح بسبب معرفته القديمة بترامب، وعلى رغم الفضائح حول تلقيه أموالاً من المعارضة الإيرانية ومجموعة «مجاهدين خلق». وأشارت «سي إن إن» الى احتمال ترشيح السناتور عن ولاية أركنساس، توم كوتون، لمنصب وزير الدفاع، علماً انه من أشد معارضي الاتفاق النووي مع إيران، ويدعو إلى التشدد مع روسيا في سورية ورفع مستوى القيادة الأميركية في الشرق الأوسط. كما برز اسم ريتشارد غرينيل في منصب سفير اميركا في الأممالمتحدة، وهو عمل مساعداً لبولتون سابقاً، ويعتبر من المتشددين تجاه إيران. وهكذا يبدو توجه الإدارة الجديدة واضحاً بالتصعيد ضد إيران، مع عدم وضوح مصير الاتفاق النووي المبرم معها في ظل إرسال مساعدي ترامب مؤشرات مختلفة في شأن إلغائه او إعادة التفاوض عليه، علماً أن مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي صرح بأن انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة «لا يعني بلاده»، في حين حذر الجنرال يحيى رحيم صفوي، مستشار الشؤون الدولية لخامنئي، من «ثمن باهظ» إذا انتهك الاتفاق النووي. وأعلنت ألمانيا أنها ستحاول ضمان استمرار الاتفاق النووي مع إيران. وقال ناطق باسم وزارة خارجيتها: «سنحاول إقناع إدارة ترامب أن ما اتفقنا عليه قبل عام ونصف العام وننفذه منذ ذلك الحين سواء بالكلمات أو الأفعال يظل السياسة السليمة من وجهة نظرنا». أما موقف إدارة ترامب من روسيا فيبقى غامضاً بعد اتصال هاتفي أجري بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومكالمة أخرى بين ترامب والرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو الذي طالب الرئيس المنتخب بدعم بلاده في مواجهة «العدوان الروسي». إلى ذلك، حاول مجلس النواب الضغط على ترامب عبر موافقة غالبية أعضائه على قانون «قيصر سورية لحماية المدنيين»، نسبة إلى قيصر سورية الذي انشق عن النظام وهرّب 55 ألف صورة تعذيب. ويدعو القانون إلى فرض عقوبات مشددة على مرتكبي الجرائم في سورية من مؤيدي النظام والروس والإيرانيين إذا ساعدوا الأسد. وكان الكونغرس استمهل التصويت إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وينتظر المشروع اليوم تصويت مجلس الشيوخ قبل أن يتحول الى قانون. وقال زعيم مجلس النواب بول ريان بعد التصويت: «يدرك الجمهوريون والديموقراطيون الحاجة الى عزل نظام الأسد لجرائمه المتكررة ضد الشعب السوري. أنا سعيد لأن البيت الأبيض لم يعد يعرقل هذه العقوبات، والتي تتضمن رداً ضرورياً على جرائم الأسد ضد الإنسانية».