تراوح معركة الفلوجة مكانها، على رغم تطويقها من كل الجهات، فيما بدأ «الهروب الكبير» للنازحين من محيطها في اتجاه المناطق الآمنة وخصصت الحكومة ثمانية مخيمات لإيوائهم، وأصدر المرجع علي السيستاني توجيهاته إلى الجيش و «الحشد الشعبي» ومقاتلي العشائر بعدم التعرض للمدنيين وإيذائهم، حتى لو كانوا أقارب عناصر في «داعش»، وعدم سلبهم أموالهم وممتلكاتهم. وحمل زعيم كتلة «متحدون» أسامة النجيفي رئيس الحكومة حيدر العبادي مسؤولية الانتهاكات التي يتعرض لها النازحون في مناطق يسيطر عليها «الحشد الشعبي». إلى ذلك، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر طبي لم تسمه، قوله إن «أكثر من ألف عنصر من قوات الأمن أصيبوا في المواجهات لاستعادة الفلوجة». وأشار إلى أن بين الجرحى «عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب والجيش والشرطة والحشد الشعبي»، لكنه امتنع عن التصريح بعدد القتلى. وتشكل أزمة المحاصرين في الفلوجة أهم عائق أمام تقدم الجيش في معركته ضد «داعش»، ونجحت قوات الأمن بإجلاء نازحين من ريف المدينة، لكنها فشلت في تأمين طرق لخروج العدد الأكبر من السكان، وقد تؤثر شهادات وفيديوات تبث على مواقع التواصل الاجتماعي وعمليات انتقام تعرض لها النازحون خلال الأيام الماضية، في سير المعارك وفي تشجيع الأهالي على الفرار. ونقلت وسائل التواصل صوراً لاعتداءات ينفذها عسكريون ضد نازحين يرتدون الزي العربي، ويبدو من خلال التسجيلات أنهم من أهالي الفلوجة، فيما قالت مصادر أمنية ل «الحياة» إن «العبادي تدخل شخصياً لاعتقال أحد عناصر الحشد الشعبي اتهم بإعدام 17 شخصاً من عائلة واحدة»، لكن قوات الأمن لم تنف ولم تؤكد نبأ الاعتقال. وتثير هذه الشهادات مخاوف وسط النازحين، وقالت مصادر أمنية ظهر أمس، إن عملية انتحارية نفذها أحد عناصر «داعش» أسقطت عدداً منهم بين قتيل وجريح في منطقة الصقلاوية. وحمّل النجيفي في بيان أمس، العبادي «مسؤولية إدارة المعركة والحفاظ على حياة الناس، ومسؤولية محاسبة من وجد في معركة التحرير فرصة لإنزال العقوبات بالناس الأبرياء». وأضاف أن «ما يجري على أرض الواقع، يشير إلى حدوث انتهاكات غير مقبولة، وإلى عمليات خطف، وإعدام جماعي لا تقرها الشرائع أو القوانين أو أخلاق ومعايير المعارك الوطنية الشريفة». وأكد أن هذه الانتهاكات ترتكبها «جماعات مسلحة تعمل خارج السيطرة، وتعرّض صدقية وسيطرة القائد العام للقوات المسلحة (العبادي) للاهتزاز والتساؤل»، مشيراً إلى أنه لم يجر تحقيق في هذه الأفعال، وكأن المعركة تسويغ لغض النظر عن انتهاكات مشينة بحق المواطنين العراقيين الأبرياء من أهل الفلوجة وتخومها». وكان رئيس البرلمان سليم الجبوري، أكد الخميس، أن «قوات الأمن ارتكبت انتهاكات بحق المدنيين». وأضاف: «هناك معلومات تشير إلى بعض التجاوزات التي ارتكبها أفراد في جهاز الشرطة الاتحادية وبعض المتطوعين»، معتبراً أن «هذه الأفعال تسيء إلى التضحيات التي يقدمها هذا الجهاز كل القوات المقاتلة في معركة الفلوجة». وعلى رغم تحديد معبرين لخروج السكان من داخل المدينة، إلا أن «داعش» ما زال يمنعهم، لاستخدامهم دروعاً بشرية. إلى ذلك، أعلنت «خلية الإعلام الحربي» أمس، «قتل الأمير العسكري الجديد لولاية الفلوجة عندما كان مجتمعاً مع عشرات الانغماسيين، في غارة جوية شنتها طائرات التحالف الدولي». وأكد الناطق باسم «الحشد الشعبي» أحمد الأسدي، أن الفلوجة «مطوقة بشكل كامل»، وأضاف أن «الحشد يتقدم في المحاور التي كلف بها بعدما تم تحرير المحور الشمالي والانطلاق من الشمال باتجاه الصقلاوية». وقال القيادي في «الحشد العشائري» المحلي في الفلوجة العقيد خميس بحر الحلبوسي، إن «القوات المشتركة نفذت عملية لتحرير منطقة الأزركية شمال غربي المدينة، ما أسفر عن تطهير المنطقة من سيطرة داعش ورفع العلم الوطني فوق مبانيها». وأضاف أن «المعارك والمواجهات أسفرت أيضاً عن قتل العشرات من عناصر التنظيم وتدمير ثلاث عربات مفخخة وتفجير أربعة زوارق كان يحاول استخدامها لعبور نهر الفرات».