أشغل غياب «الدور المؤثر» للعمد في محافظة الطائف، فتيل الجدل بين عدد من سكان المحافظة من جهة، والحاصلين على لقب «العمدة» من جهة أخري، إذ أكد مواطنون ل «الحياة» أن لا وجود مؤثراً ل «العمدة» في الحراك الاجتماعي لعروس المصايف، في حين أطلق عدد من العمد رسائل مفادها أنهم يعانون من النظرة الدونية، وقلة الموارد. وعلى رغم أن عمدة الحي يعد مشاركاً في حفظ الأمن في دائرة اختصاصه ومن ضمن مهماته الاحتفاظ بسجلات عن سكان الحي وحركة تنقلاتهم، إلا أن المشرف التربوي هلال الحارثي يرى غياباً ملحوظاً لدور العمدة في حيه، ويؤكد ذلك قائلاً: «أعلم أن هناك عمدة للحي الذي أقطنه، ولكن لا تربطني به أي علاقة، ولم أشاهده طوال فترة سكني في الحي والتي تتجاوز ال10 أعوام». وأضاف: ولا أعلم أيضاً ما الدور الذي يقوم به على رغم معرفتي بأن دوره متعلق بنواح أمنية في الغالب، مشيراً إلى ضرورة إيجاد آلية لعمل «العمد» يتسنى للمواطن الاستفادة من خدماتهم لما فيه المصلحة العامة، مع الحرص على توفير موظفين لمساندة العمد واستقطاب الشبان من سكان الحي لهذه الوظائف، خصوصاً وأن لديهم دراية عن السكان الآخرين جراء اختلاطهم اليومي معهم. بدوره، أكد الخبير الأمني ومدير شرطة جدة سابقاً اللواء متقاعد مسفر الزحامي، أن العمد في حاجة إلى مزيد من التأهيل، لا سيما وأن الإمكانات تقف عائقاً أمام تنفيذ دورهم على الوجه الأكمل، مشدداً على أهمية تحديد مسؤولياتهم وإعطائهم صلاحيات أوسع، مع ضرورة إيجاد مقر ثابت لعمدة الحي يخصص من قبل الأمانة بشكل رسمي. وأضاف: «هناك مشكلات عدة تواجه العمد، من أهمها تداخل المهمات مع مراكز الأحياء. ملمحاً إلى أهمية التفكير في إعادة درس هذا الجانب لفصل المهمات، لكي يترتب عليها تحديد المسؤولية»، متوقعاً أن تسهم التقنية الحديثة، ومنها استخدام البصمة في التعرف على الأشخاص، في تهميش دور العمدة وجعل خدماته من دون جدوى. وقال: «الملاحظ أن غالبية العمد لا يعرفون سكان الحي الذي يقع في نطاق مهماتهم، إذ إن مكاتب العقار لديها معلومات تفوق معلومات العمد في هذا الشأن»، مبيناً أن مكاتب العقار أيضاً غير دقيقة، كما أنها لا تعمل على إشعار العمدة بمن يسكن حديثاً. وبناء على ذلك يرى الزحامي ضرورة إلغاء دور العمد التقليدي واستبداله بجهة حكومية تقوم بالمهمات، وأشار إلى أن عدد العمد في المحافظة يصل إلى20 عمدة فقط، في حين أن عدد السكان يتجاوز المليون نسمة، وهذا ما يجعلنا نلاحظ أن نصيب كل عمدة يصل إلى50 ألف نسمة، وهذا العدد ليس من السهل التعرف على سيرتهم الذاتية وسلوكهم. وفي السياق نفسه، أفاد المواطن حمد الحارثي أن علاقته مع العمدة منتهية منذ 15 عاماً، وأضاف: «أتذكر أنني مررت بمكتب العمدة قبل 15عاماً لإنهاء إجراءات بعض الأوراق ووجدته رجلاً مسناً وطالبني بإحضار عقد الإيجار للتأكد من صدقيتي في سكن الحي الذي يديره، ومن تلك السنين إلى يومنا هذا لا أعلم من هو العمدة، خصوصاً وأن العمدة السابق قد توفي». متوقعاً تلاشي دور العمدة في الأعوام المقبلة. وأشار الحارثي إلى أن كثيراً من أبناء البادية والذين يمثلون النسبة الأكبر في التركيبة السكانية في محافظة الطائف لا يعرفون العمدة سوى في المسلسلات التلفزيونية، حيث إن إجراءاتهم كافة تتم بحسب توجيهات من قبل شيخ القبيلة. لافتاً إلى أن تدخل العمد في حل المشكلات الأسرية غير ملحوظ. من جانبه، اعترف العمدة موسى محمد الذي تقع تحت مسؤوليته أحياء مثل جبرة والجال ومخطط الملك فهد «بأنه لا يعرف 40 في المئة من السكان في هذه الأحياء»، وقال: «أنا عمدة منذ خمسة أعوام لكنني لا أعرف جميع سكان الأحياء التي تقع تحت مسؤوليتي». وأضاف: نعاني من بعض المشكلات، فمثلاً نحن نتحمل كلفة إيجار المكاتب التي تعد مقراً للعمدة، كما أن ارتفاع أسعار العقار إلى جانب كلفة فواتير الاتصالات والكهرباء، فإن ذلك أثقل كاهل كثير من العمد، حيث اضطروا إلى اقتطاع جزء كبير من دخلهم الشهري. وعاد محمد ليتهم الإعلام بالمسؤولية في تغيب دور «العمد»، وأوضح أن غيابهم عن الأضواء أسهم في تقليص دورهم، مشيراً إلى ضرورة أن يتبنى الإعلام دوراً يسهم في تعزيز مكانة العمدة في المجتمع، مع ضرورة توعية السكان بأهمية الدور الذي يقوم به «العمدة». في المقابل، حدد العمدة سلطان الداموك المشكلات التي تواجه العمد في: أنهم مسجلون على وظائف «المستخدمين»، مما يدفع البعض إلى النظر لهم ب «نظرة دونية»، وقال: «منذ 25عاماً وأنا عمدة، بعض السكان يرون أن العمدة شخص يستحق مساعدة من الضمان الاجتماعي، وذلك يعود إلى الدرجة المثبتين عليها في سلم الوظائف». وأضاف: «أعمل حالياً لمسح هذه الصورة من ذاكرة سكان الحي الذي يقع تحت مسؤوليتي، لذا أقوم بإعداد دراسات تتناول همومه، فمثلاً قدمت دراسة إلى الأجهزة الأمنية في المحافظة تتعلق بحجم العمالة الوافدة والعزاب وما تترتب على ذلك من جرائم وتصرفات غير مرغوبة تزعج السكان، أسهمت في جعل الحي من أفضل الأحياء على مستوى محافظة الطائف.