انفض «مولد» الترشيحات للانتخابات الرئاسية المصرية المقررة في خريف العام المقبل، وتوقف الحديث عن أسماء يعتقد البعض أن أصحابها يصلحون لمنافسة مرشح الحزب الوطني الحاكم، سواء قرر الرئيس حسني مبارك الترشح مجدداً أو صدقت التوقعات وطرح الحزب جمال مبارك مرشحاً في السباق الرئاسي. هكذا خرجت أسماء: محمد البرادعي وأحمد زويل وعمرو موسى من السباق قبل أن يبدأ، وكان واضحاً أن لاعبين آخرين سيخوضون المنافسة من دون الثلاثة الذين رشحوا عبر وسائل إعلام، وكان لكل منهم أسبابه التي تحول دون أن يتمكن من خوض المنافسة. المهم في الأمر أن الأحزاب المصرية التي سهل لها التعديل الدستوري الأخير مسألة ترشيح أعضاء الهيئة العليا فيها للرئاسة مشغولة بهمومها الداخلية والصراعات بين رموزها أو تعاني ضعفاً لا يمكنها حتى من مجرد الحديث عن رؤاها حول الانتخابات الرئاسية المقبلة. وعلى رغم تزايد احتمالات أن يعيد مبارك ترشيح نفسه مجدداً فإن الأوساط السياسية المصرية لا تستطيع حتى الآن توقع منافسيه من رموز الأحزاب الاخرى، ناهيك بالطبع عن توقع أي مرشح مستقل نظراً للقيود الشديدة على ترشيح المستقلين. واللافت أن القوى السياسية غير الحزبية هي الأكثر اهتماماً في مصر بتفعيل قضية الترشيح للانتخابات الرئاسية، علماً بأن أسماء البرادعي وزويل وموسى طرحت عبر الفضائيات والصحف الخاصة، وسارعت حركات احتجاجية وجماعات سياسية للترويج للموضوع، بل العمل على إقناع الثلاثة بجدوى الترشح. ويشير المشهد السياسي المصري إلى أن الأحزاب الرئيسية: الوفد والتجمع والناصري، تتفادى الخوض في الحديث عن الانتخابات الرئاسية باعتبار أن الوقت ما زال مبكراً، وأن تركيزها ينصب على الاستعداد لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي ستُجرى بعد أسابيع وانتخابات مجلس الشعب المقررة قبل نهاية العام الحالي، علماً بأن التعديلات الدستورية اشترطت وجود نائب واحد للحزب على الأقل في البرلمان ليتاح للحزب فرصة ترشيح أحد أعضاء هيئته العليا في الانتخابات الرئاسية، وعلى ذلك فإن نتائج الانتخابات البرلمانية ستحدد الأحزاب التي سيحق لها دخول السباق الرئاسي وتلك التي ستظل خلف الأضواء. أما الأحزاب الصغيرة ذات القدرات المحدودة والتي حاول بعضها إقناع البرادعي بالانضمام اليها كخطوة نحو ترشحه قبل أن يعدل الرجل عن قرار الترشيح بعدما وجد أن الشروط التي طرحها لم يتم الالتفات اليها على المستوى الرسمي، هذه الاحزاب لن تتمكن على الأغلب من خوض انتخابات الشورى أو الشعب، وستبقى مكملة للشكل الديموقراطي من دون أن تكون طرفاً فاعلاً فيه. وفي المقابل فالمؤكد أن جماعة «الإخوان المسلمين» التي خرجت من أزمة المرشد الجديد وإعادة تشكيل مكتب الإرشاد ستعمل على أن تكون طرفاً مؤثراً سواء في انتخابات الشورى أو مجلس الشعب، وعلى رغم ما ذهب إليه البعض من أن التعديلات الدستورية هدفت إلى إبعاد «الإخوان» عن المشهد السياسي ومنع الجماعة من تحقيق النتيجة ذاتها التي أفضت اليها الانتخابات البرلمانية عام 2005 بالحصول على 88 مقعداً، إلا أن المؤكد أيضاً أن «الإخوان» لن يفوتوا فرصة للبقاء في واجهة الصورة، وشخصياً لا أستبعد أن يفوق عدد مرشحي الجماعة للانتخابات عدد مرشحيها في الانتخابات السابقة، ليس فقط من أجل تحقيق مقاعد في البرلمان ولكن أيضاً لتوسيع المساحة التي يتحرك فيها «الإخوان» في المحافظات المختلفة، علماً بأن الأحزاب أو القوى السياسية ذات الحضور الكثيف في البرلمان المقبل سيكون لها التأثير الأكبر في الانتخابات الرئاسية. لن يكون ل «الإخوان» مرشح للرئاسة، لكن في ظل ضعف الأحزاب فإن الجماعة ستعمل بكل تأكيد على أن يكون لها دور في تحديد الرئيس المقبل حتى لو كان هذا الدور هامشياً، فبالنسبة الى «الإخوان» فإن الدور الهامشي أفضل من لا شيء.