تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - افتتح معالي وزير الثقافة والاعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة معرض الرياض الدولي للكتاب 2011م وذلك بمركز الرياض الدولي للمعارض. وقد بدى الحفل المعد بهذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم. ثم ألقى وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الإعلامية الدكتور عبدالله الجاسر كلمة أكد فيها ما أثبته معرض الرياض الدولي للكتاب من حضور فاعل ليس على المستوى المحلي فحسب بل على المستوى العربي، ومحط أنظار المثقفين في الداخل والخارج. وقال : لقد دعم المعرض مسيرة التأليف والنشر في المملكة ورصد تطورها بكافة أنواعها ولعل من أبرزها الرواية السعودية ولفت إلى أن المؤلف والكتاب السعودي أصبح يمثل مكانة مرموقة في هذا الجانب. ونوه وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الإعلامية أن الثقافة ليست ترفا، مؤكدا أنها محرك للمجتمعات، ومؤشر نحو التغيير وحدث يحمل علامة حضارية، مشيرا إلى أن معرض الرياض الدولي للكتاب ليس متجرا لبيع الكتب بل تلاقح ثقافي بين المثقفين في المنطقة. وبين الدكتور الجاسر أن ضيف هذا العام هي جمهورية الهند، في امتداد طبيعي للثقافتين العربية والهندية، موضحا أن الثقافتين السعودية والهندية ليستا في معزل عن بعضهما البعض، فالثقافتان متشاركتان في مكوناتهما، لافتا إلى أن المشاركة الهندية في هذا العام تذكير ودعم للوشائج القديمة بين المملكة والهند لكل ما من شأنه الرفع من آفاق التعاون الثقافي بين البلدين الصديقين. وحول تكريم دور النشر أشار الجاسر إلى أنه تثمينا لدورهم المميز في الحراك الثقافي في المملكة، ومساندة الحركة الفكرية، وتكريم الرموز التي ساهمت في النهضة الثقافية، ستُكرم دور النشر، وكل من ساهم في إنعاش الحركة الثقافية والفكرية في المملكة. بعد ذلك أُلقيت كلمة المثقفين ألقاها عنهم مبارك الخالدي الذي ساق العديد من التطلعات والرؤى التي تدعم المسيرة الثقافية في المملكة، وما يمتن مقوماتها ويزيد معطياتها بما يفضي إلى تحقيق حراك فاعل وقادر على تفعيل الأبواب الثقافية بأنواعها وأشكالها كافة. وتطرق إلى بعض الاهتمامات الثقافية كالشأن المسرحي، وحاجته إلى البنية التحتية، والدراسة الأكاديمية والتدريب، مؤكدا أهمية وجود جمعية عربية سعودية تعنى بالثقافة والفنون لكونها الحاضن الرسمي ّ للمسرح والمسرحيين. كما تناول الخالدي مايهم الشأن السينمائي والحراك الفني حوله، وتطلعات المهتمين في هذا الجانب بحضورهم في المشهد الثقافي في المملكة، بالإضافة إلى تفعيل دور الأندية الأدبية لتشمل الأدباء والسينمائيين والدعوة إلى دعم تأسيس رابطة الأدباء، وصندوق للأدباء، إلى جانب تفريغ الأدباء والمثقفين والفنانين لإنتاج أعمالهم، ووضع تنظيم لها بإشراف وزارة الثقافة والإعلام، وتفعيل الجوائز التحفيزية، وتنظيم المشاركات في المؤتمرات الثقافية في الداخل والخارج والاستمرار في طباعة الرسائل الجامعية التي تتناول الأدب السعودي. ثم شاهد الجميع عرضا مرئيا يتحدث عن الثقافة الهندية ودورها الفاعل في المنطقة، ومكانتها الصناعية والاقتصادية والتكنولوجية، وتطرق العرض إلى المشهد الثقافي الهندي ومدى العلاقة القديمة التي تربط الهند بالثقافة العربية. عقب ذلك ألقى سفير الهند لدى المملكة تلميذ أحمد كلمة أكد خلالها أهمية معرض الرياض الدولي للكتاب , عادّه أكبر الأحداث الأدبية والفعاليات الثقافية وأكثرها أهمية ليس في المملكة، وإنما على صعيد المنطقة الخليجية والعربية بصفة عامة، إذ يجمع مئات دور النشر من مختلف أنحاء العالم تحت سقف واحد ويوفر لها فرصة ثمينة لعرض كتب تلعب دوراً بارزاً في التأثير على الجاليات الناطقة باللغة العربية. وبين أن هناك وعي فكري في العالم العربي حيث إن هذا العصر يعتبر عصر النهضة الفكرية وبزوغ فجر جديد ينظر للكتاب والمثقفون العرب بعيون متفحصة إلى تاريخهم ووضعهم السياسي والنظام الاقتصادي الاجتماعي السائد، لافتا إلى أن التفحص يشمل جميع جوانب الحياة المعاصرة ويؤكد أهمية التاريخ العربي وتقاليده كما يتطلب التوفيق ومسايرة التحديات الناشئة من التطورات الحديثة في التكنولوجيا. وأبدى السفير الهندي سعادة بلاده بالمشاركة ك"ضيف شرف" في هذا المعرض، لتصبح جزءاً من الوعي الفكري السائد في المملكة وفي العالم العربي بشكلٍ عام، مشيرا إلى أن هذا الأمر طبيعي فقد عرفت الهند العرب منذ أربع ألفيات مما أثر على الروح الدينية والفكرية والثقافية. ونوه بمشاركة المثقفين والأساتذة والباحثين الهنود من مختلف مجالات الدراسات الإسلامية والثقافية واللغة العربية وآدابها بالمشاركة بالمعرض وفعالياته الثقافية من ندوات ومحاضرات، وذلك لإجراء النقاش معهم حول السمات المختلفة للوعي الثقافي والفكري الراهن في منطقة الهند. وقال : " إنني واثق أن هذا التفاعل سيساعد الشباب والنساء في تحقيق آمالهم وطموحاتهم، كما أنني واثق أن هذه المشاركة ستكون مثمرة للمثقفين والباحثين السعوديين والهنود ". ثم ألقى معالي وزير الثقافة والإعلام الكلمة التالية: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا وحبيبنا وسيدنا محمد، وعلى آله الطاهرين وصحابته الغر الميامين. أصحاب السمو والمعالي والفضيلة والسعادة سفير جمهورية الهند السيد - تلميذ أحمد أود أن أعبر في مفتتح كلمتي هذه عن أجل الشكر وأعظمه لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- على هذه الرعاية الملكية السامية لمعرض الرياض الدولي للكتاب، امتدادا لرعايته الكريمة للعلوم والثقافة والآداب، ومنها أمره الكريم بدعم الأندية الأدبية بمبلغ عشرة ملايين ريال لكل ناد. كما أتشرف بأن أنقل إلى مقامه السامي تهاني المثقفين والمثقفات في بلادنا له بهذه العودة الميمونة، وقد أنعم عليه الله - تبارك وتعالى - بالصحة والشفاء، وها هو ذا يعود إلى شعب مخلص له، ولسان حال كل مواطن يقول : حمداً لله على سلامتك يا خادم الحرمين الشريفين. كما أتشرف بأن أنقل إليكم تحياته وتمنياته لمعرضكم هذا بالتوفيق والنجاح، وتحيات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ،وزير الداخلية- حفظهم الله- وأمنياتهم لهذا المعرض والمنتديين بالتوفيق والنجاح. الأخوة والأخوات كأنه الأمس، حين التقينا العام الماضي لافتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب، ثم حين انقضى الأمس إذا بنا نشتاق لهذا المكان.. لرائحة الكتب.. لعناوينها.. لشكل المجلدات. لأسماء المؤلفين. إننا نصنع بالكتاب حياتنا، ونلقي عليه بآمالنا وآلامنا، وحين نفكر فثمة كتاب في البال يرشد، وكتاب يوجّه، وحين نقع على كتاب جديد، فلحن جديد يغشى حياتنا ويقلبها رأساً على عقب، وحق للمعرفة والثقافة أن تكون كذلك، فبالكتاب يتغير وجه العالم، وتتبدل الحياة. الأخوة والأخوات هنيئا لكم صحبة الكتاب، وأياماً وليالي سعيدة أرجوها لكم في أروقة وردهات معرض الرياض الدولي للكتاب الذي غدا عكاظاً جديدة،في هذا المعرض الذي ولد كبيراً وأصبح علامة مميزة في الحياة الثقافية العربية، وعكس بذلك تطور حياتنا الثقافية في المملكة العربية السعودية. إنني في غاية الأمل والتفاؤل لمستقبل الثقافة في بلادنا، وأنا جد مستبشر بحالة القراءة بين أبنائنا وبناتنا من الشباب والشابات، ونمو الوعي بينهم، فهم يقرؤون كما لم نقرأ، ويفكرون كما لم نفكر.. نعم قد لا يقرؤون ما نقرأ، ولا يفكرون كما نفكر، ولكنهم يقرؤون ويفكرون، ويتخذون من الوسائط الحديثة،ما يؤسس في أذهانهم وعياً جديداً، في صفحات افتراضية يقدمها لهم عالم الحداثة الجديدة في الاتصال والمعلومات، إنهم أكثر اتصالا منا بالحياة، بإيقاعها وتحولاتها، وتقول لهم بارك الله فيكم. إن لكل منا حكاية مع الكتب والمؤلفين، وتتنوع أسباب إقبالنا نحو الكتب، ففي الكتاب نعيد تشكيل أنفسنا، ونتعلم القدرة على التفكير والموضوعية، وبالكتاب يتشكل وعينا، وينمو رويداً رويداً، وبالكتاب لا مساحة تضيق على أحد، ولا مكان ينبو بقاصديه، فالكتاب أوسع من أفكارنا، وأرحب مدى من خيالنا. وفي مجتمع الكتاب والمعرفة لا موضع للخوف من الأفكار، ومن يسمح للخوف من الكتاب والأفكار أن يرين على فؤاده فما عرف الكتاب، وما استنشق من سطوره معنى الاختلاف. إن موقع الثقافة العربية الإسلامية في العالم القديم والإسلامي تتحدى عبقرية الموقع، وإن إطلالة يسيرة على الخارطة الإسلامية تكشف لنا حركة الثقافة العربية الإسلامية في العالم القديم والحديث، وهيأ ذلك موقعاً فريداً تتجلى عبقريته فيما نحن بسبيله من أمر الثقافة والكتاب في انفتاح الثقافة العربية والإسلامية على الشعوب والثقافات، وساهم ذلك في تعدد مراكز الثقافة العربية الإسلامية من الأندلس شمالاً وحتى الهند وما تاخمها جنوباً، وانعكس ذلك على شخصية الثقافة العربية الإسلامية، فهي ثقافة قائمة على الاتصال والإبداع والإنتاج، ولولا ذلك لما تعددت مراكز الثقافة ما بين العالم العربي وتلك المناطق التي نفاجأ أنها إلى يومنا هذا تعد مراكز لإنتاج وإبداع الثقافة العربية. وفي سياق التذكير بذلك الأصل المتين في ثقافتنا أرحب باسم المثقفين والمثقفات في المملكة العربية السعودية بضيف شرف هذا الموسم من معرض الرياض الدولي للكتاب (جمهورية الهند) وهي فرصة عظيمة للإطلاع على إسهام الثقافة الهندية في تاريخها الثقافي العريق، والتذكير بماضينا المشترك في صناعة الحضارة الإنسانية. لقد عاشت الثقافة العربية والثقافة الهندية في مهاد جغرافي وثقافي مشترك، واتصلت الثقافتان والشعبان العربي والهندي منذ أزمنة موغلة في القدم، وكانت التجارة وطريق القوافل ميداناً لذلك التثاقف، ومجالاً له، وعلى رائحة البخور الزكية كم تكونت حكايات مشتركة وقصص شكلت نظرة العربي والهندي للحياة، وتناهت إلينا من الماضي الثقافي المشترك أصداء (كليلة ودمنة) و (ألف ليلة وليلة) وإبداع علمائنا في الحكمة، والرياضيات، وقعقعة السيوف الهندية، وحكايات البحارة في رحلة جغرافيا العربية، وأغنيات الصيد في سواحل بلادنا. إن حبنا للكتاب يبعثنا على أن نقول شكراً لمن حبب إلينا الكتاب والثقافة، ووزارة الثقافة والإعلام تقول لكل من أسعدنا بكتاب ألّفه ونشره : شكراً لكم أيها المبدعون أن وصلتم ما بيننا وبين الكتاب. وامتداداً لمنهج تكريم المبدعين تكرّم الوزارة أربعة من كبار مثقفينا الذين انتقلوا إلى رحاب الله وندعوه تبارك وتعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يجزيهم خير الجزاء وهم : الأديب الدكتور غازي القصيبي، والأديب الدكتور محمد عبده يماني، والأديب عبدالله الجفري، والأديب الأستاذ أحمد المبارك. كما نقول : شكراً لرواد الناشرين في بلادنا ممن كابدوا الصعاب والمشاق من أجل نشر الكتاب وهم : الدار السعودية للنشر، ومكتبة المعارف، ومكتبة الثقافة، ودار اليمامة، ودار المريخ، ودار العلوم، وأرجو أن تجدوا في معرض الرياض الدولي للكتاب ما يدعونا جميعاً إلى ثقافة إنسانية بانية، وأن يكون المعرض مناسبة طيبة للحوار والمثاقفة من خلال النشاط الثقافي الموازي له، وأن نجعل الكتاب قراءته واقتناءه جزءاً من حياتنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعد ذلك قام معالي وزير الثقافة والإعلام بتكريم العديد من الرواد السعوديين الذين لعبوا دورا فاعلا في الساحة الأدبية والثقافية والفكرية في العام الحالي. ويأتي تكريمهم وفق اختيار اللجنة الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام، كما شمل التكريم بعض الرواد الذين وافتهم المنية مؤخرا وتركوا بصمة قوية على المشهد الثقافي المحلي والعربي تمثل في إسهاماتهم الثقافية المتنوعة وتسلمها عنهم أبنائهم وأحفادهم وهم الشيخ أحمد بن علي المبارك وعبدالله بن عبدالرحمن الجفري والدكتور الجفري والدكتور غازي القصيبي والدكتور محمد عبده يماني، كما كرم معاليه العديد من دور النشر السعودية التي ساهمت بشكل فاعل في دعم مسيرة التأليف والنشر في المملكة وهم الدار السعودية للنشر ومكتبة المعارف ومكتبة الثقافة، ودار اليمامة، ودار المريخ ودار العلوم. إثر ذلك قام معالي وزير الثقافة والإعلام ومعالي سفير جمهورية الهند بقص شريط المعرض إيذانا بابتداء فعالياته الثقافية التي تستمر عشرة أيام ابتداء من اليوم. وزار الجميع الجناح الهندي واطلعوا على محتوياته الثقافية، والإصدارات الهندية القديمة والحديثة والعديد من الفهارس للكتب الهندية، وعناوين عربية لمؤلفين من جمهورية الهند. ويشارك في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي يعد تظاهرة ثقافية وحضارية كبرى أكثر من 700 دار نشر من ثلاثين دولة يعرضون أكثر من (300) ألف عنوان وتحل الهند هذا العام ضيف شرف على المعرض. وسيقام على هامش المعرض عدد من البرنامج ثقافية المتكاملة يومياً بعد صلاة المغرب وبعد صلاة العشاء، حيث يشارك فيها أكثر من 80 مفكراً ومثقفاً وأديباً من داخل المملكة وخارجها وذلك بمركز معارض الرياض الدولي بطريق الملك عبدالله بالرياض. حضر الحفل صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن سلطان بن عبدالعزيز مساعد وزير الثقافة والإعلام وكبار المسؤولين بالوزارة والمهتمون بالشأن الثقافي.