* علي العمري أحد الأصوات الأجمل في مشهد الشعر السعودي صدرت له قبل أيام عن دار نينوى ب(سوريا) مجموعته الشعرية الخامسة (محاولات في سوء الفهم) في 90 صفحة ضمن سلسلة (محمود درويش) الشعرية التي تصدر عن الدار. منذ أن أطل علي العمري ب(فأس على الرف) – منتصف التسعينات- وتجربته الشعرية تشق طريقها بصلابة وجلاء نحو بناء عوالمها وتحققها، أصدر العمري تالياً ل(فأس على الرف) مجموعة بعنوان (ولا يدري أحد) عن دار الحوار ثم (لا فوق لمثلك) عن دار المدى وكانت مجموعته الأخيرة (أبناء الأرامل) قد صدرت قبل أعوام ثلاث عن دار الانتشار العربي. تشق تجربة علي العمري طريقها بصلابة كون الشاعر فيها لا ينفصل عن المثقف وبالتأكيد عن الإنسان.. فالقصيدة وكل ما يحيط بها جزء من خطاب إنساني وثقافي وشعري تمثله تجربة العمري. الصلابة من كونها لا تستند على رخاوة الدوافع الآنية المتمثلة في استقبالٍ ما تتلقاه هذه النصوص –المتقدمة جمالياً- بل على العكس فاللافت أن لا وجود لمستقبلين، وهذه قيمة إن نحن نظرنا إلى ما يغلب على مشهدنا الثقافي بعمومه من غياب حقيقي لأي فعل جمالي أو فني ينهض باستقلاليته ومقترحاته. الصلابة من هذا الذهاب المستمر، الدأب، الاشتغال بحرية وبشروط مصممة شعرياً وإنسانياً، وقد لا يعنيها أن تفاوض أحداً سوى ذات منتجها. يمكنك أن تستشف لأول وهلة هذا النص الخاص الذي يكتبه العمري إن أنت استقبلته بحرية تكافئ مقترحاته ومناطقه. ليست القراءة وشروطها فعل ينفصل عن النص. فمحددات الكتابة الشعرية تملي شروطها أولاً على قارئها. يكتب علي العمري وينشر بعيداً عن أي منبر، بعيداً عن أي مؤسسة، بعيداً عن أي شروط خارج الشعر أو داخله، بعيداً عن سائد الكتابة الشعرية و(موضاتها) الدارجة، هو نسج روحه وقصيدته ...قصيدته. القصيدة الأقرب دوماً للذهاب إلى مناطق التماس الحرجة بالواقعي وبما يمكن اعتباره مفاصل حركة هذا الواقع من بنى سياسية، اجتماعية، دينية.. يذهب العمري بالشعر خارجه بالتأكيد وفي هذا انتصار للشعر في حياة اعتادت أن يلتف الشعر كثيراً قبل أن يلتفت. وإن هو التفت فلن تحمل التفاتته جدية تكافيء الموضوع أو تمس العصب. قصيدة العمري الحادة، الشبيهة بصرخة فصيحة لمكلوم تؤسس بالتأكيد لغتها، أدواتها وخطابها،لا تتوسل قارئاً ولا طريقة انتشار، هي ناجزة وتتقدم باستمرار كما هي الحياة. الكلمات السابقة هي تحية صغيرة مشفوعة بالمحبة التي لا حدود لها للصديق- الشاعر: علي العمري.