بين عشية وضحاها أصبح فلان من الناس دكتوراً مع مرتبة الشرف الأولى وربما التوصية بطباعة رسالة الدكتوراه وتداولها بين الجامعات وببضع كلمات في إحدى الصحف المحلية أو تهنئة من صديق مدفوعة الثمن من حسابه الخاص يمكن أن تتحقق الشهرة المزيفة لصاحبها والغاية تبرر الوسيلة. مثل هذه الأخبار نجدها في صفحات المجتمع بكثرة وأعني بذلك من حصلوا عليها وهم لم يبرحوا أماكنهم مقيمون بين أهليهم ويمارسون مهامهم الوظيفية أو التجارية دون أن يكون هناك أي مؤشر ولو كان يسيراً يمكن أن يعطي إنطباعاً على أن سعادة الدكتور قد بذل من الجهد مايوازي نسبة 1% على الأقل من قيمة وجهد الحصول عليها بالطرق المشروعة لتصله في النهاية على صندوق بريدة باردة مبردة وبسرعة الصاروخ. قد لايلام كثيراً من يحصل على الشهادة الإبتدائية أو المتوسطة بأقل جهد وقد يصنف على مضض ضمن مشروع محو الأمية أو تعليم الكبار ولكن أن يصل الأمر إلى أن يصبح الإنسان بين ضحية وعشاها دكتوراً وربما تجره الواسطة والعلاقات الشخصية لأن يكون أستاذاً في الجامعة وهنا يكون حجم الكارثة أكبر وأكثر فداحة، فماذا بقي للكادحين من أعمارهم سنين متعاقبة في الداخل أو المبتعثين للخارج بين البحوث العلمية والمختبرات وما يصاحبها من متاعب الغربة ومشقتها في سبيل الحصول على أعلى الشهادات بعرق الجبين ومن منطلق المصداقية والشعور بالمسؤولية. وإذا تحدثنا عن الكم والكيف فإن المقارنة يجب أن لاتبرح هذا الجانب الخطير من العبث اللا أخلاقي نحو العلم وطرق التعلم المشروعة التي أصيبت في مقتل وتسليط الضوء على تلك الطرق الدنيئة ومساراتها الخفية بشكل مكثف لتعرية أصحاب الشهادات المصنفة في خانة تزييف الواقع والتدليس الذي يجب أن يعاقب صاحبه بعقوبة توازي الجرم المقترف، فلا أسوء من شهادة لا أصل لها في الواقع، والجامعات العريقة لا ترضى أن تنتهك مكانتها المرموقة بمنح درجات علمية مشكوك فيها، ولهذا يعمد هؤلاء إلى مراسلة جامعات فقيرة أكاديمياً حتى وإن كانت تحمل مسميات عريقة لكنها أصبحت فيما بعد خارج تصنيف الجامعات المعترف بها لعدم تطبيق معايير الجامعات التي تطبق الإشتراطات الأكاديمية المتعارف عليها عالمياً والتي تمكنها من استقطاب الطلاب المتميزين ومنحهم الدرجة العلمية المستحقة بناءً على الساعات المطلوبة لنيل الشهادة الجامعية أو المدة الزمنية التي يستغرقها البحث في الدراسات العليا لدرجتي الماجستير والدكتوراه بإشراف لجنة مناقشة على قدر من الكفاية والخبرة في المناقشة والتوصية بمنح الدرجة العلمية المطلوبة أو رفضها. وإذا كان البحث عن حرف الدال مطلب وبهذه الطريقة المنافية لمشروع طلب العلم فتلك مصيبة لأنها خدعة لصاحبها وللمجتمع بأسره وإرتداء لثوب أكبر من الحجم الطبيعي لصاحبه لأنه لم يعد خافياً بين الناس من هو الدكتور الحقيقي ومن هو المزيف وحتى على مستوى الأشخاص العاديين يمكن لأصحاب الفراسة تمييز الغث من السمين من بين هؤلاء المغردون أسفل السرب يكادون من وهنهم أن يسقطوا في حفر المذلة والشراك التي نصبوها لأنفسهم وقد حملوا أنفسهم بما لاطاقة لهم بها ولو ناقشت أحداً منهم عن كيفية الحصول عليها لما إستطاع الإجابة بشكل مقنع ولربما غير مجرى الحديث للخروج من المأزق, فماذا بقي لهم من ماء وجه يحفظ لهم كرامتهم في المجتمع حتى وإن قال بعضهم لماذا أخجل وأنا لم أسرق بينما هو في الأصل قد سرق شهادة دفع ثمنها نقداً أو حوالة في حساب متعهدي الشهادات المضروبة وسماسرتها. ولكن ياترى من يستطيع أن يردع هؤلاء وهل عجزت وزارة التعليم العالي عن إيجاد آلية لمنع الحصول على مثل هذه الشهادات العالية بثمن بخس في سوق البيع بالجملة. هذا التساؤل يجب أن يجد الإجابة الشافية من جهات الإختصاص فقد طفح الكيل ومالت الكفة لصالح المهووسون بالألقاب على حساب الكادحون الذين أفنوا شبابهم جداً واجتهاداً ومثابرة حتى قطفوا ثمارها شهادات علمية ترفع رؤوس أصحابها ومكانة علمية يستحقونها وجدير بهم أن يحملونها تيجاناً على رؤوسهم وليس عاراً يلاحقهم على شاكلة هؤلاء. [email protected]