مضينا عبر السنين في تفاقم و تعاظم توقعاتنا(أطفالاً و أهالٍ) في طموح متزايد لارتفاع درجات التحصيل العالى في نتائج الاختبارات في المدارس و المعاهد و الجامعات. واصبح في حكم النادر رؤية علامات مثل "مقبول/60" او حتى "جيد/70" (ناهيك ذكر تقديرِ "راسب"، و كأنّ في ملايين طلابنا و طالباتنا من لا يحقق، و من لا يمكن ان يستحق، ذلك المستوى.) و بذا نجد أنْ صار من المعتاد رؤية كفة ميزان "التقدير الدراسي" مائلة كلَ الميل (او ما يسمى في علم الاحصاء بالانحراف المائل (أو الانحراف الشَّزري!). وبذا تجد النتائج عامرة ب"جيد جدا"..و الكثير من "ممتاز" ..مع القليل من "جيد"..(و كأنَّ الآخير ليس هو النمط و الوسط الوسيط، و كأنه ليس موقع السواد الأعظم من الناس.) كما نجد ان كثيراً من المدرسين و المدرسات..لضغوط أو أخرى.. للمجاملة أحياناً أو حفاظاً على الوظيفة في احيان اخرى.. فنجد انهم فقدوا بوصلة التقييم و التقويم..و تخلوا عن معايير مثل "المنحنى" الطبيعى (في شكل الجرس الإحصائي لتعداد و إخراج نتائج الاختبارات، ..حيث تأتي شريحة "الممتازين" في حدود 5% في جانب، و بمقابلها فئة الضعاف --نعم و فئة "الراسبين"-- في الجانب الآخر؛ ثم حوالي 60% في الوسط ممثلاً للمتوسطين و "الجيدين"..مع كون ذلك يمثلُ القلب(و الغالبية)،..محفوفاً بجناحي "الجيد جدا"ً من جهة؛ و "المقبول" في الجهة الأخرى، ..بنسبة في حدود حوالي 15% لكل منهما.) و نتيجة لكل لتضخم علامات التقويم، فإننا نجد في نهاية كل فصل دراسي ..و خاصة عند نهاية المرحلة الثانوية، نجد من يتباهي بمستوى تحصيله (أو تحصيل ابنه) الدراسي، و أنه جاء بين 93 و 97%..أو مثل هذا من التباهي الزائد. ثم يشتكي و يتساءل(باخلاص): كيف لم يتم قبوله في هذه الكلية او في تلك! و بتحاشينا النظام الرسمي العالمي الموضوعي العلمي للتقييم والتقويم؛ فيتلاقى عندنا-للأسف- تعاظمُ الخيال مع الاحباط و الاحتباط. [email protected] عميد سابق في جامعة البترول.. السعودية