غداً أول أيام امتحانات الفصل الدراسي الأول، أو هي اختبارات كما يفضّل البعض تسميتها، أو هي «بلشات» كما يراها البعض من الطلبة والأهل، والمفترض أن تسمى التقويم أو التقويمات، على اعتبار أننا تعودنا على الحديث عنها بصيغة جمع المؤنث السالم، وهذا بالمناسبة إحدى «حركات» الرجل ضد المرأة. اختبارات المدرسة والجامعة معروفة الأسباب والنتائج، والحديث عنها كمناسبة تتكرر مرتين في العام، أصبح مملاً من النواحي المعروفة، التي يمكن وضعها في قائمة، التحذير من السهر، المخدرات، الغش، تفريغ الحشو، أزمة التصحيح، والتباكي على مستوى التحصيل، أسئلة الرياضيات وأحياناً الفيزياء، وضع المدارس المستأجرة، تأخر المدرسات عن المنزل للتصحيح. كم اختباراً غير دراسي تمرّ به في حياتك؟ ما هي الاختبارات التي نمرّ بها كمجتمع؟ وكيف كان «التصحيح» أو «الصحصحة»؟ وما هي النتائج؟ كم نسب النجاح؟ وهل أدى النجاح إن وجد إلى مراحل أفضل؟ أكثر ما يهم الناس هو اختبار الخدمات المقدمة إليهم، ومع حلول الموسم هذا العام يسجلون نتيجة راسب لتصريف الأمطار مثلاً، ومقبول لبناء بعض الطرق والأنفاق، وجيد لقوارب الدفاع المدني، وجيد جداً لوسائل الإعلام التي باتت المتابع الأدق من غيرها، وممتاز لبقاء الناس في بيوتها عملاً بمبدأ «يا دار ما دخلك شر»، وإذا كانوا في بعض أحياء جدة، فالمقصود بقاؤهم في الدور الثاني من بيوتهم إن كان هناك. اختبار الصحة والتعليم، ضعوا أنتم التقدير الذي ترونه من تجاربكم، فالتفاوت فيها كبير جداً، وكل واحد وحظه وواسطته وموقعه من الإعراب، أقصد من «لجنة» التصحيح، لكن إجمالاً هناك نجاح في الاختبار الشفهي «التنظير»، ورسوب في التحريري «التنفيذ». اختبار السعودة، أفضّل تسميته اختبار إيجاد فرص العمل، مثير للألم، موجع حد الإشفاق، أسئلته سهلة جداً، لكن إجاباته صعبة على البعض، نجحت قطاعات محددة يمكن عدها، بعضها بامتياز، وبعضها مقبول، لكن غالب القطاعات الاقتصادية ما بين ضعيف أو راسب، ويبدو أن المشكلة أن الخطوط الحمراء، أقصد الأقلام الحمراء الخاصة بالتصحيح كانت فارغة من الحبر، والغالبية تنتظر «طلب» أقلام جديدة، ربما تأتي يوماً ما. الاختبارات الاجتماعية لا تزال تراوح في التجريب، فبين تعلم التسامح والحوار، وبين التعصب والتشدق لفكر أو أصحابه، وبين ازدواجية المجتمع، وبين ما يقال وما يقرأ وما يعرف وما لا يعرف، حارت لجان الاختبارات، وحار معها الناس، وتناثرت الأسئلة، وسمح للبعض بالغش خشية أن يسجل الجميع الرسوب، فتتهم مدارس البيت والشارع والمجتمع بأنها فاشلة أو متناقضة. كثيرة هي الاختبارات، وقليلة هي الخبرات التي يستفيدها من يجتازونها. [email protected]