تدريب النفس وتعويدها على الايجابية والتوازن النفسي والابتعاد عما يثيرها ويغضبها و يقلقها امر غاية في الاهمية كي تهنئ بحياة متزنة وعلاقات متوازنة، فلكي تداوم هذه النفس باستحسان هذه الامور علينا ان نعودها خيرا تستحسن خيرا، فكان لها ذلك منهجا وطريقا امنا، تتجمل به اينما حلت ويستأنس به الاخرون دون ريبة وشك، لانه اشعاع نور جميل وطيب عطر اصيل يفوح ترتاح له النفوس . اما ان تعودت شرا لا سمح الله وهي الامارة بالسوء، كان لها ذلك منهجا وطريقا وعرالمسالك، خطر الانعطافات، العثرات كثيرة و الانزلاقات خطرة، وهكذا تصبح الحياة توتر وغضب، فوضى وصخب، وتحولت حال النفس الى ارتباك و عدم توازن التي لن ترتاح والتي ستبقى في حالة عدم توازن نفسي وفكري مشتتة بين هذا وذاك .. ادراك الانسان لهذه الحقائق يفيده في الشروع في تدريب النفس على ما يفيدها ويطوعها للابتعاد عما يفسد عليها جمالها، فهي كالمهرة اصيلة في اصلها، جميلة في شكلها، غنية في امكاناتها عجيبة في قدراتها، عزتها عالية وشموخها رفيع، جامحة عجولة شرسة عوبة في طبعها، فان لم يتم عسفها وتدريبها وتطويعها، تضحي فرسا جموحا لا يصعب السيطرة عليها ومن الخيل من قتلت خيالها .. هذه النفس كثيرا ما تحاول قذف صاحبها في الامواج الهائجة بغضب سريع، يفقد فيه الانسان توازنه النفسي والعقلي فيفقد السيطرة على مخرجات اليد واللسان وقد تكون النتائج كارثية، واقلها جرح من تحب او التسبب في ايذاء أحد،وقد يكون اكثر من ذلك بكثير، فالمعلوم ان من لم يستطيع السيطرة على تصرفاته اذا ما غضب قد تنتهي لما لايحمد عقباه وقد كان، واقله يتسبب بعدم راحة نفسية وقلق مستمر وغضب لاتفه سبب.. وهو ما يتعب النفس ويشتت الفكر ويفقد التوازن.. الغضب القلق التوتر وغيرها متلفة للاعصاب ومخربة للعلاقات وهادمة للذات ، درب النفس على الابتسامة والفرح وتقبل الاخر والصبر والايمان بان الرزق سوف يأتيك وما هو ليس لك لن يصيبك.. الغضب والتوتر والهيجان يسرف في بذل الجهد وضياع للطاقة و نتائجها خراب النفس والدار. فاذا ما حاولنا اعطاء وصفة مفيدة في العلاقات اثناء اللقاءات و النقاشات، اثناء المجاملات او المعاملات، اثناء الاحتكاكات الفكرية او اليومية، عندما يؤدي بعضها احيانا الى تسخين الجو واثارة الغضب فقد تتحول الى اشتعال نار او شيء من لهب.. فكما اسلفنا ان لم تكن النفس طوعت لاحتواء المواقف وامتصاص الغضب بصمت وحكمة فتبرد الاعصاب فورا اذا ما سخن النقاش او الجدال او تحولت المواقف الى ما قبل العاصفة، فعد للعشرة فليس العد من واحد الى العشرة لعبة اطفال فقط، بل هو درس للكبار ايضا يفيدهم في تهدئة النفس وروقانها، فاذا ما اختل التوازن فاجلس وعد للعشرة.. لا تقل اي كلام، توضأ او اغتسل، فالماء يبرد النار ويهديء الاعصاب ويريح النفس..ترك المكان افضل من البقاء فيه في حالة التوتر الشديد والغضب نار قد تحرق من يتواجد حولها ان لم تتحصن منها كما ذكرنا بتدريبها.. اذا ما استعصت مشكلة ما حلا فلنتركها فالحلول تأتي لاحقا، اما لوحدها او بمشاركة عاقل مؤتمن او صديق او حتى سماعها من مجنون صدفة.. فلا نلزم انفسنا بحل اني وفوري .. فكل مطرود ملحوق كما يقال..! لا تهدي اعداءك غضب وتوتر وقلق وفوضى اعصاب فهذا هو ما ينشدونه.. ندرب النفس على الابتعاد عن كل ما يعكر صفو الحياة من اجواء صخب و جدال وصراخ وغضب الى اجواء محبة هادئة متناغمة، وندربها الابتعاد عن كل شغب وكل ما يثير الاعصاب ويسبب لها هيجانا وغضبا. واذا ما اراد الانسان ان يعبر عن استياءه فيعبر عنه لاحقا عندما تهدأ النفوس وتصفو الاجواء.. يكون التعبير باستخدم لغة المتكلم ويفيد في ذلك التدريب على استخدام لغة المتحدث باسمه، ويستبدل الكلمات المزعجة بكلمات محببة ايضا.. فيقول انا لا احب كذا وكذا بدل ان تقول انت فعلت كذا وكذا.! مثلا انا لا احب الفوضى والصخب عوضا ان يقول انت رفعت صوت الموسيقى عاليا، انت مزعج !. ومن المفيد اذا ما غضبت من موقف ما او توترت من شخص ما وخاصة ممن هم حولك، اخرج الى الفضاء الخارجي ومارس بعض الرياضة هكذا تفقد بعض الطاقات الزائدة و ترتمي منك بعض الافكار السلبية، مارس فنا ما او استمتع به فليكن ذلك الفن لك نافذة على العالم الخارجي لتفهمه اكثر وتستمتع به افضل وبذات الوقت يشغلك بما هو مفيد لراجة النفس . لنعود انفسنا الابتعاد عن الفظاظة والغلاظة في التعامل مع الاخر، وان نعود النفس على الهدوء والرزانة والحصافة واللطافة، بدل العصبية والاثارة، ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة ، كما نعود انفسنا على الامساك، اي امساك اللسان والاستماع للاخرين اكثر من الهرج وكثرته التي تفقد الهيبة وتضيع زبدة الكلام، فكما يقال المكثار كحاطب ليل فكثرة الكلام فيه نسبة خطأ واردة اكثر، فلنوجز ما استطعنا ونبسط ما امكن.. فلنكرر الكلمات اللطيفة والعبارت الجميلة في التعامل مع الاخر، فهي مفتاح القلوب وقضاء الحاجات.. تعويد النفس على اختيار الكلمات والعبارت المناسبة فهي الادوات الفعالة للتواصل بين الافراد، فكلمة ملائمة في ظرف لا تناسب اخر و وكلمة تناسب شخص لا تناسب اخر، بعض الكلمات تحمل معان عدة في ذات الوقت وقد تكون متناقضة، فلماذا نقول عن فلان رجل حكيم؟! الحكمة هنا قدرته على اختيار الكلمات والعبارت في الاوقات المناسبة، استخدام العبارات بمناسباتها يساعد في بلوغ المقاصد منها.. فلنتدرب على الابتعاد عن لغة التلميح اوالتجريح، فبعض الكلمات تكون اشد فتكا من طلق ناري على النفس وخاصة المقربون.. فلن يجدي نفعا كثير الاعتذار بعد فتح جرح عظيم في قلب من رميته بسهم كلام سام.. حتى نبرة الصوت علينا ان ندرب انفسنا على نبرة صوت مقبولة يستسيغها من يسمعها، ونبتعد عن نبرة الصوت الحادة والعالية و المثيرة للتوتر او الاستهجان. ولندرب انفسنا على القيام دائما بعمل ما مفيد خاصة في البيت.. فهناك كثير من الامور التي تحتاج دائما لاصلاح او استبدال او ترميم وغيره، فلنعود انفسنا على الانشغال بما هو مفيد وترك ماهو غير مفيد ومضيعة للوقت، نتدرب على قضاء وقت مناسب مع اهلنا واصحابنا ومعارفنا والتواصل معهم ونتدرب على اعطاء اولادنا حصة تليق بهم من وقتنا، نلعب معهم، نستمع اليهم، نقترب منهم عاطفيا، ندرك احتياجاتهم النفسية والعاطفية، هكذا تكون النتائج كثيرة ومثمرة.. كذلك لنطوع أنفسنا على التفوه بالكلمة الصح أمام الشخص الصح في الموقف الصح بالمكان الصحيح ونعودها على الامساك والهدوء.. روض نفسك واعسفها كما تعسف المهر لكي تنعم انت بقيادتها و بجمالها والا كنت انت عبدا لها فتأخذك باهوائها،عودها خيرا تستبشر خيرا.. لنعاشر اهل العلم والمعرفة والمتزنين من اصحاب الفكر والجمال.. ولنختر من الاصحاب أجودهم و من اهل العلم أفضلهم واخيرا وليس اخرا لنتدرب على الوسطية في كل شيء فلا نسرف الا في الحب..! جميل تحياتي..