رغم أن تغيير أشكال السيارات، بات نشاطا اقتصاديا نشطا في مختلف المدن السعودية، يدر أموالا بالملايين على أصحاب محال التغيير ويستنزف من الشباب عشرات الألوف، إلا أن ضوابطه وشروطه لا تزال حتى الآن عائمة، فلم يصدر حتى الآن من الجهات المختصة، ما يقنن العملية ويضع ضوابط تمنع البعض من التغيير الكامل لمعالم السيارة، كون بعضها تبدو وكأنها سيارة أخرى قادمة من الفضاء أو من كوكب مختلف. من باب «التغيير سنة الحياة»، يحاول بعض الشباب إقناعك بأن ما يقومون به في سياراتهم يضفي عليها جمالا، رغم أنه في بعض الأحيان يجعلها مشوهة وتفقد حتى جمالها الذي أتت به من بلادها الأصلية، عبثا تجادلهم فلا تجد سوى اتهامك بالرجعية والتخلف، إذ يقولون إن التميز والجاذبية من أهم أهدافهم من وراء تعديل السيارات أو بالأحرى تدليلها، ف » الجنوط» الضخمة تضفي هيبة للسيارة، واللون المتموج يعطيها جاذبية أخاذة بينما الأبواب التي تفتح إلى الأعلى تمنحها تميزا، والألوان الكلاسيكية تعطيها جاذبية ليس لها مثيل. التقيت شابين يتأملان سيارة من نوع «مرسيدس» ذات تجهيزات خاصة، وكان واضحا عليهما أنهما من محبي تدليل السيارات وعندما توقفا أمام مقدمة السيارة التي فتنتهما، بادرتهما بأسئلتي، فكان «زياد» مفتونا بالسيارات ذات التجهيزات الخاصة: «رغم ولعي الشديد بالسيارات، إلا أنها الثالثة في أولوياتي، فالعائلة أولا والدراسة الجامعية ثانيا، ولن أستطيع شراء مثل هذه السيارة لأن سعرها مبالغ فيه وقد يتجاوز 300 ألف ريال». وفي حين أشار زياد إلى أنه لو امتلك 300 ألف ريال فلن ينفق أكثر من نصفها على شراء سيارة مع إكسسواراتها، قال صديقه «عبدالعزيز» إنه يفضل أن يستثمر المبلغ لتنميته: «ومن ثم سأشتري السيارة من الأرباح». وفي حين كانت سيارة «لمبورغيني» تتلألأ بألوانها الغريبة، كان صاحبها في انتظار القهوة التي طلبها من «الكوفي شوب»، جلست بجواره لأسأله عن عشقه للسيارات، لكنه اعتذر عن الحديث لانشغاله، فاتجهت فورا إلى سيارة لامعة أخرى ماركة «فيراري» كانت مجهزة ببعض المواصفات الخاصة، فتحدثت إلى قائدها «محمد الدبل» الذي أشار إلى أنه اشترى هذه السيارة من أحد أصدقائه: «دفعت فيها ما يقارب 760 ألف ريال، وانتظار عدة أشهر لكي يتم تجهيزها لي وفقا للمواصفات التي طلبتها، واعترف بأن تقليد الآخرين هو الذي دفعني لنثر كل ما ربحته في سوق الأسهم من أجل تحقيق أمنيتي بامتلاك سيارة «فيراري» ذات تجهيزات خاصة». وفيما ينتقد شاب آخر اكتفى لاسمه ب «محمد» تدليل السيارات، بقوله إن المسألة كلها مجرد مظاهر وفشخرة، يقول إبراهيم المتخصص في كل ما يتعلق ب «جنوط» السيارات، إنه يمارس تلك المهنة كهواية حتى أصبح لديه معرض متخصص: «معظم زبائن الجنوط دائما ما يدللون سياراتهم بتركيب أكبر مقاس ممكن ليظهر شكل السيارة بمظهر ضخم ومخيف، وأغرب زبون واجهته، صاحب سيارة «روز رويس» موديل 98 يريد تغييرها إلى موديل 2006م». ويسترسل: «في مجالنا هذا، من يدفع أكثر يحصل على تعديل أفضل، ومعظم محبي تدليل السيارات من ذوي الوضع المالي الممتاز، وهناك شباب أعرفهم يسافرون إلى لبنان لإضافة بعض التعديلات على سياراتهم، لوجود اليد العاملة الماهرة هناك». وتحدث عن سيارة «كرايسلر» معدلة، كانت صورتها على الجدار، فأفاد بأن التعديلات تمت في معرضه بالرياض: «سبق لي العمل في أعمال متعلقة بالتعديلات الشاملة لهيكل السيارة الخارجي كالأبواب التي تفتح إلى أعلى، وبعض وكالات السيارات داخل السعودية، بدأت فعليا تطلب الأيدي العاملة المختصة بتعديل السيارات بعد ملاحظتها الإقبال المتزايد على تدليل السيارات». وبينما كنت أهم بالخروج من معرض إبراهيم، كان أحد الزبائن يسأله عن أرخص «جنط» لديه فأجابه بأن الثمن سبعة آلاف ريال. ومع تعجبي من المبالغ المطلوبة لتدليل السيارات، كان ثلاثة شبان في العشرينات يتجادلون أمام معرض لتدليل السيارات، فكان لكل من بدر، ماجد، وبندر، رأي مختلف، فبدأ ماجد حديثه لنا: «هذي حركات شباب ومراهقين»، فيما قال بدر إنه سيقتني سيارة رسمية ليقدمها هدية لزوجة المستقبل، وقال بندر إن السيارات الفخمة طموح أي شاب». وعلى ضفة أخرى من الحوار، قال مدير أحد المعارض، مفضلا عدم ذكر اسمه، إن جزءا لا بأس به من زبائنه من النساء اللاتي يدللن سياراتهن الخاصة بالإكسسوارات والديكورات الداخلية، فيما قال أحد ملاك معارض السيارات المدللة، إن الإقبال على تدليل السيارات يزيد يوما بعد يوم، بل إن الأمر وصل ببعض الزبائن من ذوي الأوضاع المادية الممتازة، للسؤال عن جديد إكسسوارات وإضافات السيارات التي يقتنونها بشكل شهري، ومن أشهر الماركات التي يستفسر الزبائن عن جديد الإكسسوارات الخاصة بها، «الفيراري» و«المرسيدس»، وبعض السيارات المدللة لا تقل قيمة الواحدة منها عن 500 ألف ريال