.. لم يكن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم.. يمثّل أعظم شخصيات التاريخ لدى المسلمين فقط.. فهو كذلك وفوق ذلك.. لكن جموعا كثيرة من كبار المفكرين.. والأدباء.. والكتاب.. والعباقرة.. من ديانات مختلفة.. كتبوا عن النبي (محمد) ربما بأكثر مما كتب عنه في المكتبة الإسلامية.. نستعرض هنا بشكل يومي أهم وأبرز ما كُتِب عن شخصية الرسول العظيم.. عبْر عرض موجز لهذه الكتب.. ونقدم اليوم المفكر الإسلامي عباس محمود العقاد في كتابه (عبقرية محمد). يستمر العقاد في كتابه (عبقرية محمد) ليحدثنا في فصل (مُحمّد الرئيس)، يوضح العقاد كيف جعل النبيّ صلى الله عليه وسلم للرئاسة معنى الصداقة المختارة، فمُحمّد صلى الله عليه وسلم الرئيس هو الصديق الأكبر لمرؤوسيه!. ويشير المؤلف إلى أن البعض زعم أن تقديم الرحمة على العدل في تطبيق الشريعة من دعوات المحدثين، وهي دعوة النبيّ العربي صلى الله عليه وسلم التي كررها ولم يدع قط إلى غيرها فقال: “إن الله تعالى لما خلق الخلق كتب على نفسه، أن رحمتي تغلب غضبى”، وقال: “إن الله تعالى لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا”، وروي عنه أنه “ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن فيه خرق للدين”. متواضع للفقراء وكان يُوصي الضعفاء ويقول لصحبه: “ابغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم”، ويذم الترفع على الخدم والفقراء “فما استكبر من أكل مع خادمه، وركب الحمار بالأسواق واعتقل الشاة حتى حلبها”.. لكنه مع الرحمة بالصغير لا ينسى حق الكبير “من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا”. ويحدثنا العقاد عن الصفات التي ينبغي توافرها في الداعية، فيراها مجتمعة ومكتملة ومستوفاة في شخصية الرسول، حيث يقول: “فكان مُحمّد صلى الله عليه وسلم مستكملا للصفات التي لا غنى عنها في إنجاح كل رسالة عظيمة من رسالات التاريخ.. كانت له فصاحة اللسان واللغة، وكانت لديه القدرة على تأليف القلوب وجمع الثقة، وكانت له قوة الإيمان بدعوته وغيرته البالغة على نجاحها”. صديق رؤوم ومن الفصول الجميلة في العبقرية فصل (مُحمّد الصدِيق) وكيف كان صلى الله عليه وسلم عطوفا يرأم من حوله ويودهم، ويدوم لهم على المودة طول حياته وإن تفاوت ما بينه وبينهم من سن وعرق ومقام. فليس في سجل الإنسانية - كما قال العقاد - أجمل ولا أكرم من حنانه على مرضعته حليمة، ومن حفاوته بها وقد جاوز الأربعين فيلقاها هاتفا بها: أُمي! أُمي! ويفرش لها رداءه لتجلس عليه!. إلى جانب ذلك، كان صلى الله عليه وسلم من أضحك الناس وأطيبهم نفسا، وقد اتسع عطفه صلى الله عليه وسلم فلم يقتصر على البشر فقط، بل كان للحيوان أيضا نصيب من هذا العطف والحنان، فكان يصفي الإناء للهرة لتشرب، وأوصى المسلمين “إذا ركبتم الدواب فأعطوها حظها من المنازل ولا تكونوا عليها شياطين”. شهادة تاريخ أما “الفصل الأخير” فجاء بعنوان “مُحمّد صلى الله عليه وسلم في التاريخ” يقول فيه المؤلف: “لأن العالم كله صفحات تنبئنا بمكان محمد صلى الله عليه وسلم فيه.. فالتاريخ كله بعد محمد صلى الله عليه وسلم متصل به، مرهون بعمله، وأن حادثا واحدا من أحداثه الباقية لم يكن ليقع في الدنيا كما وقع لولا ظهور محمد صلى الله عليه وسلم وظهور عمله.