أكد صندوق النقد الدولي أن دول الخليج لا تزال محافظة على مستوى الإنفاق الرأسمالي دون تغيير بدعم من الاحتياطيات التي تراكمت خلال سنوات الرواج (الفترة بين 2004 و2008) رغم الانخفاض الملموس في إيراداتها من النفط حاليا، مشيرا إلى أن قوة اقتصادات هذه الدول وضخامة احتياطياتها النقدية أسهمتا في تخفيف أثر الصدمة التي تعرض لها العالم من جراء الأزمة المالية. وأوضح الصندوق في تقرير له أن الاحتياطيات المتراكمة تمثل حاليا أساسا للحفاظ على مستوى الإنفاق العام المرتفع الذي سيعمل على دعم الطلب خلال فترة هبوط النشاط الراهنة. وحققت دول الخليج خلال السنوات الماضية نموا سنويا بمعدل 6 في المئة تقريبا، كما جمعت أصولا أجنبية بقيمة 1.3 تريليون دولار، وبدأت مشاريع استثمارية ضخمة لتوسيع الطاقة الإنتاجية وتحسين البنية التحتية. وتوقع صندوق النقد أن يسجل نمو إجمالي الإنتاج المحلي الكلي في البلدان المصدرة للنفط هبوطا حادا يصل إلى 2.3 في المئة عام 2009 مدفوعا في الأساس بتخفيضات الإنتاج النفطي المتفق عليها في منظمة أوبك. كما توقع أيضا أن يهبط نمو إجمالي الناتج المحلي النفطي من 2.4 في المئة إلى (- 3.5) في المئة، بينما يتباطأ نمو الناتج المحلي غير النفطي من 6.1 في المئة إلى3.7 في المئة. وذكر أن اقتران تباطؤ النمو المحلي وانخفاض الأسعار الدولية للغذاء والسلع الأساسية سيتسبب في تخفيض التضخم بدول الخليج مجتمعة من 15.6 في المئة في 2008 إلى 10 في المئة في 2009. وأفاد تقرير صندوق النقد بأن بعض المشكلات ظهرت في القطاع المالي لعدد من الدول من جراء التعرض لأسواق العقارات والأسهم الراكدة وضيق أوضاع السيولة الخارجية لكنها مازالت في حدود يمكن التعامل معها، مبينا أن معظم هذه البلدان بادرت بتحرك سريع وفعال لتيسير أوضاع السيولة المحلية ودعم أجهزتها المصرفية. وأشار إلى أن آثار تباطؤ الاقتصاد العالمي تنتقل إلى بلدان المنطقة المستوردة للنفط من خلال قنوات مختلفة أهمها الركود الذي أصاب أهم الشركاء التجاريين لهذه البلدان ،الذي أدى إلى هبوط في صادرات المنطقة، كما خضعت السياحة وتحويلات العاملين لضغوط أيضا رغم ما تشير إليه البيانات الواردة حتى الآن من استمرار صمود هذين القطاعين في مواجهة الأزمة، إضافة إلى أن ضيق أسواق الائتمان الدولية وتراجع الإقبال على المخاطر لا يزال يؤثر في تدفقات رؤوس الأموال الداخلة ويعمل على خفض أسعار الأصول ويحد من الاستثمارات. وأبان أن تأثير هذه العوامل سيتمثل في انخفاض النمو الاقتصادي في هذه البلدان المستوردة للنفط مجتمعة من 6.2 في المئة في 2008 إلى 3.2 في المئة في 2009، مضيفا أنه يمكن أن يكون لهذا الانخفاض دور كبير على زيادة معدلات البطالة المرتفعة، غير أنه من المتوقع أن يهبط التضخم مجددا من 14.4 في المئة في 2008 إلى 9.7 في المئة في 2009. وذكر أن الأزمة العالمية تواصل تأثيرها في بلدان المنطقة من خلال ثلاث قنوات غير مباشرة أولها الهبوط الحاد في أسعار النفط، والثانية انكماش الطلب العالمي والتجارة والأنشطة ذات الصلة، والثالثة ضيق أسواق الائتمان الدولية وتراجع إقبال المستثمرين على تحمل المخاطر. وتوقع صندوق النقد الدولي أن تستقر أوضاع الاقتصاد العالمي في الشهور القادمة، ملمحا إلى احتمال طول فترة الركود العالمي، وزيادة تدهور الميزانيات العمومية للمؤسسات المالية في معظم البلدان، واستمرار انخفاض التمويل الخارجي أو تحويلات العاملين.