أعجبني احتفاء مجموعة شبابية بالذكرى السنوية الأولى لرحيل الوزير المثقف والأديب الدكتور غازي القصيبي. والمثير للإعجاب والاحترام أكثر هو طريقة الاحتفاء ذاتها؛ إذ إنها جديدة وغير مسبوقة في السعودية وأكاد أجزم في البلاد العربية كلها، حينما وزع مجموعة من الشباب بعض مؤلفات القصيبي في بعض ميادين العاصمة السعودية وأسواقها. حقا هي حركة حضارية تعطي صورة مغايرة عن شبابنا التي ارتسمت في أذهان البعض هنا أو في باقي البلاد، بأنهم سطحيون ولا صلة لهم بالكتاب أو الثقافة عموما، لتأتي حركة كهذه وتعلق الجرس لتنبيه من غفل أو جهل وتريه صورة مشرقة لفئة من شبابنا رفضت الترتيب المتأخر في السباق الحضاري. ليس هذا فحسب، بل إن مجموعة شبابية كويتية ردت الصوت على شباب الرياض وأقامت ندوة ثقافية دعت لها أدباء وصحفيين ومثقفين للحديث عن الشاعر والأديب والمثقف، فأي وعي وتحضر وسباحة عكس التيار بكل شجاعة في زمن يحتفى فيه بلاعب الكرة والمغني وينسى أصحاب الاختراعات والسبق الطبي وفوارس القلم!!. هذا الاحتفاء وغيره من المبادرات الثقافية والتطوعية وحملات التأييد لمن هم بحاجة للتأييد والدعم والتوعية بكل أنواعها، لا يختلف اثنان على دور تقنيات الاتصال من إنترنت وهواتف وبلاكبيري في تسهيلها وتيسير تواصل أعضائها، وهذا مما يبعث على الأمل في إقصاء الجانب التخريبي لتلك التقنيات من قبل ضعاف النفوس، وأقول إقصاء وليس القضاء التام عليها لأن ذلك مستحيل، فالبشر ليسوا سواء والخير والشر في صراع مادامت الحياة الدنيا، والنصر في النهاية للحق ولاشك. كلنا نذكر قبل سنوات قليلة كيف كان الاستغلال الرخيص والسيئ لتقنيات التواصل والإنترنت، ومع مرور الوقت هدأ هذا السيل الجارف وبدأ الماء يصفو من الكدر، فنبتت على ضفتيه البراعم والأعشاب حياة للناس وجمالا وغذاء ودواء. فلنضئ شموع الأمل ولنحتف بكل فعل حضاري، ودمتم في أمل ورخاء.