في مجتمع تتفشى فيه البطالة خاصة الأنثوية نظرا إلى شح الوظائف النسائية تطالعنا في وسائل الإعلام الورقية إعلانات شتى عن طلب خادمات منزليات للتنازل أو للتعاون الشهري أو حتى للعمل بنظام الساعات. ليصدمنا نشاط سوق العاملات المنزليات قبل أن تصدمنا أجورهن المرتفعة التي تزداد ارتفاعا يوما بعد يوم فأجور الخادمات تصل أحيانا إلى 1800 ريال شهريا وقد تصل إلى 2000 ريال في مواسم المناسبات كشهر رمضان المبارك وإجازات الأعياد وإجازة الصيف التي تكثر بها المناسبات الاجتماعية والمآدب والاستضافات. ومع هذه الأجور لم تتمكن الكثير من الفتيات الجامعيات من الحصول على وظائف تكفل لهن بتلك الأجور! ولا يقتصر الأمر على سوق الخادمات بكل أسف فبورصة السائقين تضاهي بورصة الخادمات من حيث الطلب وارتفاع الأجور بل بمقدار الحاجة إليهم خصوصا أننا مجتمع يشكل عدد قائدي السيارات فيه من الذكور نسبة 100 % تقريبا. ورغم حاجة البيوت الماسة إلى سائقين نظرا إلى ترامي المدن الكبيرة والمصالح الدراسية والعملية والترفيهية فيها إلا أن المجتمع لا يزال يتوجس من التعاطي مع الشباب السعودي كسائقين للعائلات كما يرفض التعاطي مع المرأة كعاملة منزلية جملة وتفصيلا دون نقاش أو جدال أو حتى تفكير، وهو أمر قد نتفهمه بسبب خصوصية المرأة الحادة في المجتمع. لكن ما لا قدرة لنا على تفهمه هو قبول المجتمع للعمالة الأجنبية والوثوق بها واستئمانها على النساء والأطفال ورفضهم وتخوينهم للعمالة السعودية للعمل كسائقين على أقل تقدير! ما الفرق بين أن يقود سائق أجنبي، لا يعرف عن تاريخه الجنائي أو أخلاقياته شيء، مركبة عائلية لينقل النساء والأطفال من مكان إلى آخر، وبين أن يقودها شاب سعودي يعرف اسمه كاملا ومكان سكنه ويسهل الوصول إلى من يمتون إليه في حالة أي مشكلة جنائية؟ الفرق أولا وأخيرا ودون شك هو «الثقة» ثقة المواطنين بالأجانب وتخوينهم لمواطنيهم بلا أسباب منطقية أو أسباب نفهمها لنتفهمها! ومن الآن وحتى تحل عقدة الثقة وتعالج أزمتها ستظل نسبة العطالة والجريمة وأجور العمالة الاستغلالية في ارتفاع!