أشار الخبير الاقتصادي د. إحسان أبو حليقة، عضو مجلس الشورى الأسبق، إلى أن كل التقديرات ترجح وجود فائض مالي مرتفع في ميزانية هذا العام. وأكد د. أبو حليقة ل"سبق" أهمية ملامسة الميزانية لهموم الناس ومتطلباتهم من الخدمات والمشاريع التنموية. وتحدث عن برنامج "حافز" وضوابطه الصارمة في حق 700 ألف شاب وشابة، كما تناول أسباب تحويلات العمالة الوافدة التي تجاوزت 100 مليار ريال سنوياً.. هذا وتطرق الحوار لعدد من المحاور الاقتصادية فإلى تفاصيله. ** توقعت مصادر اقتصادية أن حجم فائض ميزانية هذا العام سيكون في حدود 185 مليار ريال، وهذا مبلغ مالي كبير.. أليس كذلك؟ بالتأكيد هو مبلغ كبير بفضل انتعاش أسعار البترول.. وهذا الفائض القياسي سينعكس على مواصلة النهج التنموي في المشاريع التعليمية والصحية ومختلف البرامج التنموي الأخرى التي ترعاها الدولة. ودليل قوي على مواصلة برامج التنمية والتطوير للموارد الإنتاجية للمملكة، إلى جانب أنها جاءت لتأكيد متانة وقوة الاقتصاد الوطني. ** لكن السؤال الذي يطرح هو: ما مدى ملامسة الميزانية لمتطلبات المواطن بشكل مباشر؟ أعني كيف للمواطن العادي أن يعرف أن بنود الميزانية ستنعكس على رفاهيته وتحسن مستوى الخدمات المقدمة له؟ سؤالك مهم جداً.. بالطبع هناك جزء من الفائض سيذهب للاحتياط العام للدولة، وهذا أمر مهم ودرس مستفاد في بناء احتياطي لاستقرار الميزانية العامة للدولة حتى لا تلجأ للدين سواء الداخلي أو الخارجي. أما الأمر الآخر فهو عملية زيادة الإنفاق الفعلي عند مقارنته بالتقديري للميزانية، فعندما تعلن الميزانية ويصدر بخصوصها المراسيم الملكية فإنها تخرج بمصروفات محددة، ولكن عند الزيادة في الإنفاق الحكومي حتى لو بنسبة 10% سيشكل ذلك صرف لعشرات المليارات. ** حسناً دعني أضع السؤال بهذا الشكل.. الميزانية تصدر بمبالغ مالية كأرقام لتنفيذ مشاريع تنموية معينة، لكنها عند نهاية العام لا يتم الإعلان عما تم تنفيذه، وما تم إنجازه من هذه المشاريع التي يرغبها المواطن؟ ومن وجهة نظري أن الميزانية التي ستصدر قريباً ببيان من وزارة المالية ستوضح المصروفات والإيرادات لكنه – البيان - لا يوضح بالأرقام ما تم إنجازه من مشاريع ميزانية العام المنصرم، وأنا أتفق معك فعلى سبيل المثال قدرت الميزانية العام الماضي بنحو 580 مليار ريال، فماذا أنجز منها؟ وماذا تحقق؟ وأين وصل تنفيذ المشاريع التعليمية والصحية والرعاية الأولية والطرق والجسور والتدريب والاستثمار والخدمات المقدمة للمواطن بشكل عام، ماذا تم حتى الآن منها خلال عام كامل، وإن كانت دون المتوقع فما الأسباب بحيث يكون الجميع يعرف بالأرقام، ما أنفق؟ وأين أنفق؟ وما أنجز؟ وكيف نفذت المشاريع؟ لكي يعرف المواطن ما تم أمام عينه ويشعر بها من نواحي الإسكان والتعليم والصحة والتنمية والمواصلات وبرامج التنمية الأخرى المختلفة، وهذا في رأيي هو الحكم على الأمور بنتائجها؛ ما يسهم في رفع رضا المواطن ويبين اهتمام الدولة والوزارات الخدمية، فالعبرة بالإنجاز وليس بالخطط التي توضع، بمعنى آخر الأمور تقاس بالتنفيذ والشفافية ومتابعة المشاريع وإنجازها وتعزيزها في نظر الملك وحكومته التي نتمنى لها التوفيق. **هناك من يرى أن بعض شرائح المجتمع السعودي تقع تحت ضغوط اقتصادية متعددة.. فما الحل لها؟ هذا تختلف حوله وجهات نظر كثيرة مقدرة ومعتبرة.. لكن الحل السحري ليس في زيادة الرواتب؛ لأنها تعني التضخم وهو كثرة الفلوس بلا قيمة شرائية، لكن الحل أن يكون للمواطن السعودي النصيب الأوفر في الوظائف ذات الأجور العالية والقيمة والمردود في القطاع الخاص؛ لأنها ستحسن الدخل الاقتصادي للسعودي وتولد فرص عمل، فالاقتصاد السعودي ينتج فرص عمل كبيرة، والدليل وجود العمالة الوافدة بهذه الكثرة واحتلالها الوظائف ذات المردود المالي الجيد، لكن يجب إعادة توجيهها للسعوديين في الكوادر الإدارية والفنية العليا في القطاع الخاص بشكل محدد. ** وكيف يمكن تفعيل ذلك؟ لا بد أن ننفذ نظام العمل والعمال وهو موجود منذ فترة لكنه موضوع على الرف منذ نصف قرن لا يُفعل، وهو ينص على أن يتولى السعودي في مؤسسات القطاع الخاص نسبة معينة من المناصب القيادية ذات الأجور العالية وبدخل عالٍ. وهنا يجب ألا نخضع لمبدأ العرض والطلب للسوق، بل بتنفيذ القانون لتوظيف السعودي في مؤسسات بلده المختلفة، فالسعودي لا يحتل مناصب عليا في اليابان وبريطانيا ومصر؛ لأن هناك أولوية لهم، ويمكن الاستعانة بالأجنبي حال استنفذت كافة السبل. ونحن في المملكة ندفع 100 مليار تحويلات عمالة وافدة وهي فاتورة سنوية عالية في حين أننا نعاني من بطالة سعودية بنسبة 10%، وفي رأيي لابد أن يأخذ المواطن السعودي حقه في الإدارة والتنفيذ في المهن التي عليها طلب في سوق العمل المحلي. ومشاركة صندوق تنمية الموارد البشرية تعد خطوة جيدة في دفع نصف راتب المواطن السعودي لكنها ليست الحل النهائي، فسوق العمل لا بد أن يتحيز للمواطن السعودي لأنه حقه في الإحلال مكان الأجنبي فلدينا شباب مبدع لابد له من رعاية واهتمام.. وهم يعانون الآن. ** امتعض كثير من الشباب والشابات من الضوابط الصارمة التي وضعها القائمون على برنامج "حافز".. ما تعليقك؟ برنامج حافز خطوة ممتازة، ومطلوبة لأن يستمر لسنوات طويلة وليس لمدة عام واحد فقط، والتشدد في وضع ضوابط حازمة هدفها استفادة المستحق الفعلي، وهذا أمر طيب حتى نتجنب الاتكاليين، فوجود700 ألف شاب وشابة في حافز هذا رقم كبير للتوظيف والإعانة. لكن برنامج حافز لابد أن يكون له تكملة في إعانة من كان على رأس العمل وتم الاستغناء عنه أو استقال أو أفلست شركته التي يعمل فيها فهؤلاء بحاجة لإعانة بطالة، ولكن من خلال مصدر ليس حافزاً، بل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حتى تتوازن الأمور.