في ظل تحفظ البعض على تدريس ودراسة الفلسفة باعتبارها تنطلق من الشك وعدم الوثوق بالأشياء إلا من خلال منطق وتجريب. يرى آخرون أن الفلسفة مفتاح العلوم وأنها تهذب كثيرا من القناعات اليقينية في نصوص غير قطعية يتخذها البعض ذريعة للتزمت والتشدد والتطرف في القول والفعل. من جهته، عد المفكر والمترجم هاشم صالح تدشين حلقة فلسفية في أدبي الرياض حدثا كبيرا وتاريخيا، كون الفلسفة تعرضت للعراقيل في التاريخ العربي والإسلامي. وفي تاريخ الأديان الأخرى. موضحا أن حقيقة الفلسفة لا تتعارض مع حقيقة الدين. ويضع الناقد منذر عياشي معارضي الفلسفة في خانة قليلي العلم ومحدودي المعرفة ممن يطلقون الأحكام جزافا من باب سد الذرائع أمام الفكر ليتساءل ويحاور وينتقد. واصفا محاربي الفلاسفة بالعاملين على ترويض البشر وتطويعهم لأهدافهم باسم الدين. ويؤكد الباحث محمد الدخيل أن الحلقة الفلسفية في أدبي الرياض مستمرة وتحظى بحضور جيد ويعقب اللقاءات مداخلات ممتازة وحوار رائع. مشيرا إلى أنه تم توثيق المشروع من خلال الإصدار الأول لأوراق فلسفية. فيما عزا الكاتب محسن السهيمي التخوف من الفلسفة إلى الموقف الذي يتبناه معارضوها والذي تشكل بدوره نتيجة حالة المجاهرة التي تتبناها الفلسفة، والمبدأ الذي تقوم عليه، وهو مصادمة الثوابت الدينية عن طريق تغولها بعيدا في مجال الغيبيات وما وراء الطبيعة (الميتافيزيقيا) التي قطعت نصوص الوحي التساؤلات حولها. وأضاف السهيمي: من هنا تشكل المفهوم السائد للفلسفة في ذهنية معارضيها، وتولدت معه حالة من التضاد والتخوف تجاهها. مشيرا إلى أنه متى ما (اطمأن) معارضو الفلسفة -ومنهم القائمون بأمر المؤسسة التعليمية- على أن الفلسفة (نأت) عن هذا المنحى الغيبي (التشكيكي) واشتغلت على حسابه بزيادة حالة الوعي وتوسيع مساحات التفكير وعُنيت بحل المشكلات، و(أثبتت) بالدليل القاطع أنها -كما يدَّعي منظروها اليوم- ركن أساس في النهضة الحديثة وكانت سندا قويا للعلم التجريبي والبحث العلمي فإن جدار التوجس والريبة المضروب بينها وبين معارضيها حتما سينهار، وستغدو هدفا نبيلا تسعى إليه وتشتغل عليه المؤسسات التعليمية فضلا عن الأفراد. وتساءل من يبادر ببعث حالة الاطمئنان المفقودة؟ ويرى الكاتب الدكتور عبدالله الكعيد أن المانع حضور الفلسفة تكلس في العقول بفعل أوهام تم حقنها في الأذهان بأن الجدل مفتاح للشر ولم يقولوا بأن المعرفة أصلا هي العمود الفقري للفلسفة لهذا غيبوا حتى الفلسفة المعرفية لاعتقادهم بامتلاك الحقيقة المطلقة. إنهم يدركون تمام الإدراك أن فتح باب النقاش المعرفي على مصراعيه سيكشف كل الأوهام التي يستترون خلفها وهي مصدر وجودهم بل سلاحهم الأقوى. أقول بكل إيمان بأن فلسفة المعرفة يعني زيادة اليقين بها بما في ذلك يقينيات العقائد بكل جوانبها.