قال الأستاذ أبو الحسن الندوي عن الإسراء والمعراج : إن جمهور أهل السنة ذهبوا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه ليلة أسري به إلى بيت المقدس ثم عرج به جبريل على البراق إلى السماء وأن ذلك كان بالروح والجسد وقال الندوي رحمه الله في كتابه «السيرة النبوية» : إن الإسراء كان بالجسد والروح وأن أقوى القرائن والدلائل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أعلن النبأ كذبته قريش بل إن بعض المسلمين ارتد كما جاء في رواية ابن كثير، ثم قال الندوي العلامة الهندي : ولو كان الإسراء بالروح أو كان على صورة رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في ذلك غرابة فإن الإنسان العادي يرى في المنام ما لا يصدق في الواقع ولا يخطر بخلد ، ولقد ألف الناس في كل زمان ومكان الرؤى الغريبة، والأحلام العجيبة. ونحن بعد مرور أكثر من ألف وأربعمائة سنة نقرأ في القرآن المجيد سورة الإسراء وفيها تمجيد لعظمة الله وقدرته وقد افتتحت بقوله تعالى : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ) ولو كان في ذلك أدنى شك لما بقي المسلمون على دينهم بل إن قريشا التي كذبت عادت إلى رشدها وأسلمت جميعها بعد فتح مكة في العام الثامن للهجرة النبوية. وأما المعراج فقد أنزل الله على نبيه تصديق عروجه عليه الصلاة والسلام إلى السماء وذلك في مستهل سورة النجم وأكدت على صدقه صلى الله عليه وسلم قال تعالى : (والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى، وهو بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى) إلى آخر الآيات التي انتهت بالقول : (لقد رأى من آيات ربه الكبرى). وفي بيت المقدس صلى النبي صلى الله عليه وسلم إماما وكان خلفه كافة الأنبياء والمرسلين، وفي السماء فرض الله علينا معشر المسلمين الصلاة.. خمسين صلاة كل يوم وليلة، لكنه صلى الله عليه وسلم مر بموسى عليه الصلاة والسلام فسأله فقال: فرضت علي وعلى أمتي خمسون صلاة . فقال موسى : فلن تستطيعها أنت ولا أمتك فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنك. وبعد أن وضع ربنا تبارك وتعالى عشر صلوات عن النبي عليه السلام مر بموسى فسأله فأخبره فقال له : لن تستطيعها أنت ولا أمتك فاسأل ربك التخفيف. وهكذا ظل النبي يراجع ربنا تبارك وتعالى حتى خففها الله إلى خمس صلوات في اليوم والليلة، لكن موسى عليه السلام نصحه بأن يرجع إلى ربه فيسأله التخفيف فقال صلى الله عليه وسلم : «إني قد استحييت منه تعالى». السطر الأخير : «نبي الخير بينه سبيلا وسن خلاله وهدى الشعابا».