يحرص معتمرون على الوصول إلى الكعبة المشرفة متجاوزين كثافة الحشود رغبة في دعاء الله سبحانه وتعالى لساعات بجانبها وابتهالا إلى فاطر السماوات والأرض. وتتنوع مطالب المسلمين بجانب بيت الله العتيق رغم ازدحام المنطقة إذ تتعلق أرواحهم بخالقهم. فكل يدعوه بمطلبه في لحظات تتجلى فيها ملامح التضرع إلى الله والسكينة والاطمئنان، ساكبين دموع الاستغفار والشوق إلى العفو، وراجين في الوقت ذاته من الله التوفيق في الدارين، فتعلو أصوات دعائهم وتنخفض تارة، كما لا يخلو قربهم من الكعبة من التقاط صور تجسد روحانية المعتمرين المحيطين بالكعبة راجين العفو والتقوى والنجاة من النار، جعل الله في بيته الحرام مواضع اختصها بخصائص معينة فالكعبة المشرفة هي مهوى الأفئدة وقبلة المسلمين في الأرض فيها مواضع لها فضل عظيم ومن هذه المواضع «الملتزم»، والملتزم بين باب الكعبة والحجر الأسود. وللملتزم مكانة عظيمة وشأن كبير حيث إنه الموضع الذي بين الحجر الأسود وباب الكعبة المشرفة ويسمى موضع إجابة الدعاء وقضاء الحوائج وهو يختص بأن من وقف فيه ولجأ إلى الله عز وجل بقلب صادق أجاب دعاءه، وثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يلصق وجهه وصدره في هذا الموضع، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذا الموضع لا يرتبط الوقوف فيه بصحة نسك العمرة أو نسك الحج. ويقع الملتزم ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة وطوله أربعة أذرع (متران تقريبا) يجوز للطائف أن يقف به عند بعض أهل العلم. وقال ابن عباس: إن ما بين الحجر والباب لا يقوم فيه إنسان فيدعو الله بشيء إلا رأى في حاجته وقد ورد في الملتزم عدة أحاديث. وعن ابن عباس: أنه كان يلتزم ما بين الركن والباب وكان يقول: ما بين الركن والباب يدعى الملتزم، لا يلزم ما بينهما أحد يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه إياه. وقال ابن تيمية: وإن أحب أن يأتي الملتزم وهو ما بين الحجر الأسود والباب فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته فعل ذلك وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع فإن هذا الالتزام لا فرق بين أن يكون حال الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين دخول مكة.