حلم البرازيليون طويلا وتحديدا منذ ان منحت بلادهم حق تنظيم مونديال 2014 في اكتوبر 2007 بان يتهافتوا الى ملعبه الاسطوري «ماراكانا» من اجل مشاهدة منتخب بلادهم يتوج بلقبه العالمي السادس وعلى اقله تكرار سيناريو 1950 وخوض المباراة النهائية. لكن الالمان كان لهم رأيهم الخاص واطاحوا ب«سيليساو» من الدور نصف النهائي بعدما اكتسحوه 7/1، وحرموه حتى من الدخول الى هذا الملعب من اجل محاولة تعويض ما فاته عام 1950. انتظر «ماراكانا» ابن البلد طويلا لكي يعوض عليه ما حصل معه قبل 64 عاما لكن نهائيات النسخة العشرين وصلت الى خواتمها ولم يتمكن المنتخب البرازيلي من الدخول الى معقله، كونه لم يخض عليه اي مباراة في البطولة بعدما افتتح مشواره في «ارينا دي ساو باولو» امام كرواتيا (3/1) ثم انتقل الى «استاديو كاستيلاو» في فورتاليزا لمواجهة المكسيك (صفر/صفر) و»استاديو ناسيونال مانيه غارينشا» في برازيليا للقاء الكاميرون (4/1). وفي الدور الثاني حل «سيليساو» في «استاديو مينيراو» في بيلو هوريزونتي لمواجهة تشيلي (بركلات الترجيح 3/2 بعد تعادلهما 1/1) ثم عاد مجددا الى «استاديو كاستيلاو» في فورتاليزا للقاء كولومبيا في ربع النهائي (2/1) قبل ان يكون «استاديو مينيراو» في بيلو هوريزونتي شاهدا على هزيمته التاريخية امام الالمان في نصف النهائي. وودع «سيليساو» نهائياته من ملعب العاصمة برازيليا «استاديو ناسيونال مانيه غارينشا» بمباراة المركز الثالث ضد هولندا، فيما سيضطر «ماراكانا» وبحزن عميق الى استضافة الجارة اللدودة الارجنتين في محاولة فوزها باللقب الثالث في تاريخها بمواجهة المنتخب الالماني الساعي الى ان يكون اول منتخب اوروبي يتوج باللقب الغالي على الاراضي الامريكية باجزائها الجنوبية والوسطى والشمالية. ما هو مؤكد ان لاعبي المنتخبين الالماني والارجنتيني سيعيشون اليوم حلما يراود الملايين بالتواجد في احضان هذا الملعب الاسطوري الاشهر في عالم اللعبة الشعبية الاولى في العالم. فملعب «ماراكانا» مسرح كروي يحلم كل عاشق لكرة القدم ان يزوره، وقد تحول حاليا الى تحفة فنية بعد ان اجريت عليه اعمال ترميم وبات صرحا حديثا ونخبويا بكل ما في الكلمة من معنى بعد ان كان مكانا شعبيا للغاية في السابق. اجريت اعمال التجديد في الملعب مرتين منذ تشييده عام 1950 لاحتضان كأس العالم، وهو يعتبر بالنسبة الى البرازيليين المكان الذي اندثر فيه الحلم وتحديدا في 16 يوليو عام 1950 عندما افسدت الاوروغواي الفرحة على اصحاب الارض والحقت بهم الهزيمة لترفع الكأس المرموقة. ساهم هدف الفوز الذي سجله السيديس غيغيا في الدقيقة 79 في صدمة حوالى 200 الف متفرج اغلبهم من البرازيليين احتشدوا في مدرجات الملعب. حتى احراز البرازيل في ما بعد خمسة القاب عالمية لم يخفف من وطأة الصدمة في ما عرف بمأساة «ماراكانازو» التي يلوح طيفها حتى بعد مرور 64 عاما، قبل حصول كارثة «مينيرازو» امام الالمان في نصف نهائي النسخة العشرين. يقول مؤرخ كتاب (كرة القدم هي البرازيل) «عندما تفكر بكرة القدم، تفكر بملعب ماراكانا.. الجميع يريد ان يزوره مرة على الاقل». ويعرف «ماراكانا» باسم الصحافي والكاتب البرازيلي ماريو فليو لانه هو الذي روج بقوة لتشييد هذا الصرح الذي شهد تألق العديد من النجوم الاسطوريين للكرة البرازيلية لعل ابرزهم بيليه الذي سجل هدفه رقم ألف على هذا الملعب بالذات في 19 نوفمبر عام 1969 من ركلة جزاء. كما ان غارينشا زميل بيليه في صفوف المنتخب الهب حماس الجمهور ايضا. بالطبع لم يكن مخصصا فقط لاقامة المباريات الكروية بل شهد حفلات صاخبة للمغنيين وعلى راسهم فرانك سيناترا، بول ماكارتني، تينا تيرنر وفرقة الروك (كيس). بدأت اعمال بناء ماراكانا عام 1948 بعد عام على منح الاتحاد الدولي فيفا شرف الاستضافة للبرازيل كاول دولة مضيفة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. تم تاخير تدشين الملعب الى تاريخ السابع عشر من يونيو عام 1950 قبل اسبوع فقط من انطلاق البطولة. وساهم في بناء هذا الصرح 10 الاف عامل احتاجوا الى 665 يوما لاتمام المهمة. اجريت على الملعب عملية ترميم كبيرة عام 1999 استعدادا لاحتضان كاس العالم للاندية حيث قلصت سعته الى 100 الف متفرج. وقبل انطلاق المونديال الحالي اقفل ماراكانا ابوابه على مدى سنتين ونصف من اجل تجديد بالكامل حيث بلغت التكلفة الاجمالية 600 مليون دولار وقلصت سعته مرة جديدة الى 73531 متفرجا. وعلى الرغم من ان تعديلات كثيرة طرأت على الملعب وجعلته مختلفا تماما عن الملعب الذي احتضن نهائي عام 1950، فانه على الاقل كان فأل خير على المنتخب البرازيلي الذي احرز كأس القارات بفوز صريح على نظيره الاسباني بطل العالم واوروبا بثلاثة اهداف نظيفة. لكن متابعة المباريات في ملعب ماراكانا تكلف غاليا في هذه الايام حيث يبلغ معدل سعر بطاقة حضور مباراة الدربي بين فلامينغو وفلومينسي 45 دولارا. لقد احتضن «ماراكانا» 12 ضيفا في النسخة الحالية بعد ان اقيمت عليه 6 مباريات حتى الان، بينها اربع في الدور الاول جمعت الارجنتين والبوسنة (2/1)، اسبانياوتشيلي (صفر/2)، بلجيكا وروسيا (1/صفر)، الاكوادور وفرنسا (صفر/صفر)، اضافة الى مباراتي الدورين الثاني بين كولومبيا والاوروغواي (2/صفر) وربع النهائي بين المانيا وفرنسا (1/صفر). وبوصول المانياوالارجنتين الى المباراة النهائية، سيكون كل من المنتخبين قد حل في هذا الملعب الاسطوري مرتين، فيما تخلف ابن البلد عن الموعد وترك معقله التاريخي يتحسر على عام 1950 لكنه تمكن على اقله من تحقيق ثأره من الاوروغواي التي سقطت عليه في الدور الثاني امام كولومبيا.