جمعتهم لعبة الدومينو منذ 30 عاما، فتراهم يجلسون حول لوح خشبي، يطلق أصواتا رنانة كلما وضع أحدهم قطعة عليه بطريقة احترافية، يتجاذبون خلال جلستهم أطراف الحديث في شؤون شتى، وإن كان للرياضة وقطبي جدة الاتحاد والأهلي نصيب الأسد من أحاديثهم، غالبيتهم من كبار السن المتقاعدين، الذين وجدوا سلوتهم في لعبة الدومينو. يشتد التنافس فيما بينهم كلما مضى الوقت دون أن يشعروا به، فهم لم يجلسون إلا لإشعال التحدي بينهم الذي دائما ما يختلط بالمرح والضحك وترديد الطرائف بينهم، أوضح العم راجح ومجموعته مبتسمين وسعداء رغم تعب السنين، أنهم 10 أشخاص يلتقون كل يوم تقريبا أمام مدخل جدة التاريخية ويفترشون أحد الأرصفة في «باب جديد»، ويحتسون القهوة والشاي ويلعبون الدومينو أو «الضومنة» كما يطلقون عليها، مبتعدين عن هموم الدنيا، مشيرا إلى أنهم يحاولون الترفيه عن أنفسهم لبضع سويعات بعيدا عن صخب الحياة. وبين العم راجح أن المجموعة كانت صغيرة، ومع مرور الوقت بدأت تتسع بتكوين صداقات عدة، منهم من سكان المنطقة، وبعضهم يأتي من مناطق مجاورة، ملمحا إلى أن نشاطهم يبدأ مع غروب الشمس، ودائما ما تقع الطرائف والمقالب بينهم، دون إيذاء أحد. وذكر حسن زيلعي أنه وجد في هذه المجموعة متنفسا وترفيها خاصا به بعد أن تقاعد، مشيرا إلى أن جلوسهم في المنطقة التاريخية قرب «باب جديد»، أضفى على جلوسهم أجواء حميمية. وقال زيلعي: «جلوسنا مع بعضنا للعب الضومنة مسل ومتنفس لنا، فضلا عن أنها توطد العلاقات فيما بيننا»، مشيرا إلى أنه حين يتغيب عن الحضور يتصل به زملاؤه للسؤال عنه والاطمئنان عليه، ما جعل الضومنة تزيد من اللحمة الاجتماعية فيما بينهم، فضلا عن تعاونهم لمساعدة أي محتاج منهم، للوفاء بالمسؤولية الاجتماعية نحو الآخرين.