ساعة بعد ساعة تتجدد لنا أمور قوية وتذهلنا، وتحدث وتبتكر لنا برامج عجيبة وملفتة للنظر، منها السيئ ومنها الجيد، إلى أن أصبحت من ضمن البرامج السائدة الآن في مواقع التواصل الاجتماعي، ويندرج تحتها العديد من طرق التواصل مع المجتمع سواء بالصوت أو الصورة أو الكتابة، ولكن يمتلك النصيب الأكبر من الاهتمام والمتابعة الآن «المصيبة الكبرى» كما وصفه بعض منتقديه، وهو ما يعرف ببرنامج الكيك (keek) وهو برنامج كندي الأصل ظهر في أوائل عام 1102، وهو ضمن هذه المواقع حيث «عرى» موقع «كيك» الذي تنتشر من خلاله مقاطع فيديو قصيرة، أراد مستخدموه من خلف المقاطع الشهرة، وبالفعل نالوا مرادهم وتقبلتهم قنوات فضائية كبرى وساهمت في نشر مقاطعهم التي ربما تكون لا فائدة من مضمونها سواء في طريقة العرض أو الإلقاء عبر هذه الفيديوهات. ويزعم البعض أنه تشويه للعقول وإظهار مدى سطحية التصرفات لدى مستخدميه، ومنهم كذلك المشاهير الذين استخدموا البرنامج لأغراض شخصية وساروا على نهج هذه المواقع «وتخلفوا» على آخر أعمارهم كما وصفهم البعض ممن تحدثوا عن البرنامج. ما يحدث في هذا الموقع حاليا ما هو إلا «دلو من الماء البارد» سكب على مستخدميه في أقسى أيام الشتاء برودة، حيث نرى الشباب وفي مقدمتهم المرأة من مختلف الدول العربية يحترفون فن «التقليل من شأن أنفسهم»، وإظهار مدى ضحالة التفكير ونتاج الاستهتار في ظل غياب تام للرقابة التي يحتاجها الصغار الآن بقدر ما يحتاجها الكبار، حيث إن الكثير من الكبار أصبحوا «صغار عقول» بمزيد من التردي الأخلاقي. ومن المهازل الجديدة أيضا تواجد العنصر النسائي في هذه المهازل بشكل فعال، حيث يرى بعض منتقديه مدى الانحطاط الأخلاقي الذي تفشى في هذه البرامج مؤخرا، من خلال عرض مقاطع مخزية وألفاظ نابية لا تمت للتربية العربية ولا لعادات وتقاليد المجتمع بأي شيء، وانحطاط فني لم نعهده - على حد وصف المتابعين. يقول عبدالرحمن الشهري ل«عكاظ»: «إن أغلب مستخدمي برنامج الكيك استخدموه بطريقة خاطئة جدا مما جعل البعض يعتقد أن البرنامج مستهدف من فئة تريد الدخول في فكر الشباب والبنات المسلمين، وأيضا استخدمه البعض في أشياء فكاهية تشغل الجميع دون أي فائدة من مضمونها». وأشار الفاضلي إلى وجود فئة تستخدمه في عرض ما حرم الله عنه من مقاطع خليعة وأشياء نهانا الدين الإسلامي عنها. ويرى أن هناك ممن يتلذذون في نشر فضائح الغير أو مهاجمة شخصيات مشهورة سواء إسلامية أو رياضية أو فنية أو سياسية. انتهاك الخصوصية ويلتقط أطراف الحديث حسين الشمراني ويقول: «هناك سلبيات كثيرة قد تعتري هذه الخدمة، أبرزها انتهاكه لخصوصية المستخدم وعرض معلوماته الشخصية وتفاصيل حياته الدقيقة الخاصة على الملأ وقد يشجع هذا التصرف المخترقين (الهاكرز) على استغلال تلك البيانات والإقدام على ارتكاب إحدى الجرائم الإلكترونية مثل انتحال الشخصية والابتزاز، وهذا البرنامج يشجع المجرمين على متابعة الأشخاص ومعرفة حياتهم الشخصية بكل تفاصيلها ويكون من باب الاستغلال والتخطيط لجرائم الخطف والسرقة، لا سيما أن أكثر مستخدميه من فئة المراهقين بين سني الثالثة عشرة والثامنة عشرة وهذا هو منبع الخطر، إضافة لما احتواه هذا البرنامج على العديد من الشخصيات المشهورة وعرض انحطاطهم على المجتمع وهذا الفعل يقلل من عدم احترام جمهور تلك الشخصية للشخصية نفسها وقد يغلب هنا دور المرأة في هذا البرنامج وذلك بسبب عدم اللا مبالاة عند هذه الفئة وقد يكونون أكثر عرضة للخطر». من جانبه يقول خالد القرني: «في الأول والأخير هو برنامج حاله حال غيره من البرامج، إن أسيء استخدامها أصبحت ضررا على الناس والمجتمع، وإن أحسن استخدامها وهذا قليل جدا أصبحت هناك فائدة ترجى، وعملا جيدا يصل بسهولة وسرعة للمجتمع، المشكلة تكمن فقط في نوعية الاستخدام، إذ نحن بين طريقين سيئ وجيد والمستخدمون من يحددون السير بأحدهما». ويؤكد فهد الحارثي أن المجتمع بحاجة إلى تثقيف وتوعية بمثل هذه البرامج ليحسنوا من استخدامها. ويكمل بالقول: «الغريب في هذا البرنامج أن هناك أشخاصا تم فتح باب القنوات لهم وعمل برامج وحوارات معهم على ضوء أنهم نجوم لامعون في سماء الفن، ولو نتقصى الفيديوهات التي قاموا بنشرها في هذا البرنامج نجدها فيديوهات مخجلة وغير لائقة من حيث المضمون». ويرى أن «هذا البرنامج هو مصيبة كبيرة في مجتمعنا إذ إن هناك أناسا تم التشهير بهم وابتزازهم من خلال تصويرهم وهم لا يعلمون، ونشرها بسرعة كبيرة في هذا البرنامج، ومن خلال ذلك نحن نطالب هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بحجب هذا التطبيق والبرنامج في المملكة بدلا من حجب بعض التطبيقات التي لا تجد أي ضرر كبير منها»، مشيرا إلى أن هذا البرنامج «لوحظ عليه الخروج عن القيم الإسلامية والعادات الاجتماعية والتقاليد المتعارف عليها كما أننا نطالب بالجدية في برامج بعض القنوات التي اشتهرت باستضافة بعض ممن أطلقوا عليهم (مشاهير الكيك) في برامجها التي كانت تلامس واقع المجتمع وتترجم مطالب المواطنين وهمومهم، إذ إننا نراها الآن تنحرف شيئا فشيئا وراء هذه التفاهات التي نجزم أنه لن يستفيد منها أي شخص على الإطلاق». وفي نفس السياق أكد الدكتور أيمن السعيدي عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام بجامعة أم القرى أن «تطبيقات التواصل الاجتماعي المجانية مثل الفايبر والفيس بوك والكيك والتويتر وغيرها والتي يستفيد منها الجمهور للأغراض الشخصية وأكثرهم من الأفراد وليس الشركات والمؤسسات، لها إيجابيات وسلبيات، فمن الإيجابيات هو التواصل بين الآخرين بدون تكلفة مادية، ويؤكدون أن السلبيات تطغى على الإيجابيات كما ذكرت بعض التقارير الإعلامية إمكانية التجسس الاستخباراتي الدولي على مستخدمي هذه البرامج المجانية خصوصا برنامج الكيك (keek)». حجب البرنامج ويرى عدد من الشباب والمختصين أن ما حدث ببرنامج الكيك مؤخرا من ظهور فيديوهات غير لائقة مؤسف جدا، مطالبين هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بحجب برنامج الكيك (keek) حتى يتم التأكد من استيفاء المتطلبات للجهة المسؤولة عن البرنامج، وقالوا «إن هذا الإجراء مطبق في الكثير من الدول، حيث يتم حجب بعض البرامج حتى يتم التأكد من أن البرنامج ليس له ضرر وبعدها يتم فتح البرنامج أمام المستخدمين»، مضيفين أنه لو تم حجب برنامج الكيك من قبل هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات لن يلحق خسائر مادية على الأفراد والجهات وسيتحول المستخدمون إلى برامج وتطبيقات مجانية أخرى أكثر أمانا وأكثر انسيابية مع الشباب. وأكدوا أن هذا البرنامج «ليس له مكان في مجتمعنا إذ إن قيمنا وعاداتنا تنافي ذلك».