أكد متخصصون ل «عكاظ» أن الشباب والفتيات المخطئين متساوون في حكم الشرع، مرجعين عدم المساواة بينهما في الستر عليهم في القضايا الأخلاقية إلى العادات التي جعلت الجرم أكبر في نظر المجتمع إذا كان متعلقا بالمرأة دون الرجل، ولاعتبارات أخرى فندوها خلال حديثهم. البروفسور واستشاري الطب النفسي الأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء النفسيين العرب الدكتور طارق الحبيب قال إن هناك خلطا بين العقوبة وعدم الستر، فإذا عاقبت فإني لا أفضح وقد أعاقب وأستر، ومن الخطأ ربط العقوبة بالستر، فمن الممكن أن أعاقب وأستر وممكن أن ألا أعاقب وأفضح وممكن أن أعاقب وأفضح وكذلك ألا أعاقب ولا أفضح. وأضاف: مرد الخيار بينهم في هذا إلى الحكم الشرعي الذي يقوله السادة علماء الشريعة ثم للحيثيات الأخرى المحيطة بالقضية حسب اجتهاد السادة العاملين في الهيئة، فهذه القضية لها بعد ديني لكن لها بعد اجتماعي ايضا فكان لزاما على علماء الشريعة مع علماء الاجتماع ان يضعوا نظاما لمثل هذه الحالات لان متغيرات الحياة تأتي بأمور جديدة تستلزم معها إعادة النظر في بعض انظمة العقوبة التعزيرية حتى تحقق الهدف المنشود منها. وقال: خطأ الفتاة يعامل اشد من خطأ الشاب لان المضرة بخطأ الفتاة اكثر من خطأ الفتى مع أن الحكم الشرعي واحد، أيضا البنية الاسرية والعاطفية عند الفتاة ارقى من الشاب، ولذلك يكون العتب على خطأها اكبر وإن كان الحكم الشرعي واحد، ولذلك الخطأ من المرأة المتزوجة يرفضه المجتمع اكثر من خطأ الرجل المتزوج، مع أن الحكم الشرعي واحد بينهما لكن لان المرأة محط ادارة الاسرة ومدها بالعاطفة والحرص عليها اكثر من الرجل عادة ولذا يكون العتب عليها اكثر، ومع ذلك فيجب تحديدها بالشرع لا بالهوى، لكن إذا تاب العبد لماذا يصر البعض على عدم قبول توبته، واذا كان المجتمع يقبل الزواج من امرأة مطلقة فلماذا المانع الزواج من امرأة أخطأت مرة واحدة وتابت إلى الله توبة عظيمة ولا يعلم الزوج الجديد بخطأها السابق كما يحدث من أكثر الشباب. نظرة اجتماعية أستاذ الاجتماع في جامعة الملك سعود، رئيس الجمعية السعودية للدراسات الاجتماعية الدكتور عبدالعزيز الدخيل أرجع السبب في عدم المساواة بين الذكور والإناث إلى نظرة المجتمع، وقال: بعض الأسر تستقبل ابنها الخارج من السجن بالزغاريد والعزائم وبعض الاسر تستقبل بناتها بالضرب والطرد وربما الحبس المنزلي احيانا، والتهميش وكل انواع الابتذال، هذا نظرة المجتمع وبعض الاسر وليس الكل، مع أن المخطئ أمام الله سواء كان ذكرا أم أنثى، لكن لدينا عادات وتقاليد اجتماعية عظمت من خطأ الانثى وقللت من خطأ الذكر، واصبح هذا النتاج، نتيجة هذه التقاليد التي ما انزل الله بها من سلطان، الخطاب الالهي يوجه إلى الذكر والانثى الا حال الخصوصية لكن بشكل عام يوجه إلى الجنسين. وقال: الاشكالية اجتماعية لابد أن تتغير ولن تتغير الا من خلال تغيير ثقافة المجمع تجاه معاملة الانثى والنظرة اليها مثلها مثل الرجل تصيب وتخطئ وانها اذا اخطأت يغفر الله لها، هذا له سلبياته، فقد يتطور الخطأ إلى مشكلة أكبر فقد ترفض السجينة مثلا من الاهل ولا تستقبل ويرفضوا استلامها ولذلك احيانا يعاملوها بشكل سيئ اذا استلموها، وأحيانا يكرس فيها طبيعة الانحراف او يدفعها ذلك رفض الاسرة، ومن حقها الكرامة والتقدير اذا أخطأ الواحد وأخذ عقابه انتهى الأمر وليس هناك داع لمواصلة العقاب، المفترض لا يستمر العقاب والاذلال طول حياتها، يكفيها ماذاقته. وبين أن التغيير يكون من خلال زيادة الوعي في المجتمع واشاعة العفو والتسامح، وعلاجها يحتاج إلى وقت، فأنت تغير تقليدا وهذا يحتاج إلى وقت طويل وتوعية وحملات توعوية، المفترض القيام بحملة توعوية على مستوى المملكة بحيث يصل أثرها لكل أسرة، والحملات المستمرة المتكررة أحد سبل التغيير يصاحبها عقد ندوات من جوانب نفسية واجتماعية وشرعية وقانونية لتغيير قناعات الناس شيئا فشيئا. الجانب القانوني من الجانب القانوني يقول المحامي الدكتور ماجد قاروب: الستر وحفظ الملفات بالتعهد بعدم العودة للفعل مسألة تتم للرجال والنساء على حد سواء وهذا تجاوز على نصوص القانون لخدمة المجتمع وانتشار الأنباء حول حصول الفتيات على قرارات حفظ الملفات بالتعهدات والستر عليهم فقط سبب الترويج أو الحديث الإعلامي من ناحية وناحية أخرى تعكس نظرة المجتمع وأسلوب تعامله مع المرأة بشكل عام. في اعتقادي صحيح أن الشباب والفتيات في القضايا الأخلاقية يجب ايقافهم في دور الحماية أو الاحداث بعيدا عن السجون وأن يكون الافراج عنهم من سلطة القاضي وليس من سلطة المحقق في هيئة التحقيق والادعاء العام أو الشرطة حتى لايكون هناك تداخل وتباين في الصلاحيات والاختصاصات التي يجب ان تكون محل احترام من سلطات الضبط والتحقيق والادعاء وكذلك القضاء. الجانب الأسري من الجانب الأسري يقول الدكتور علي الشبيلي: الميزان الشرعي لم يفرق بين الرجل والمرأة، فالحديث الشريف المشهور في الستر (من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة) جعل الستر نكرة ويشمل ذلك الذكر والأنثى. وقال: «العادة محكمة» قاعدة فقهية من القواعد الكبرى، واعتاد الناس وصار عرفا لديهم أن يعملوا كذلك وهذا وضع طبيعي وفي نظري ليس سيئا من جهات كثيرة. ينبغي أن نذكر أيضا أن المرأة هي من تؤتى، ومن أجل ذلك حرص الناس على أن تكون سمعة الفتاة دائما جيدة، فالناس قبل الخطوبة يسألون عن البنت وأمور كثيرة متعلقة بها. بخلاف الشاب اعتاد العرف عند الناس انهم ينسون خطأه، وفي الحقيقة من ينسى خطأ الرجل هو المجتمع الذكوري لأنه منهم، ومثله النساء لو كانت المخطئة امرأة، ولهذا لو وقع في الخطأ بعد الزواج يغفر له الرجال كلهم لكن لا تغفر الانثى مطلقا، ولو استشارت امرأة الرجل واستشارت امرأة أخرى ستكون ردة فعل المرأة في الصورة الثانية عالية جدا، فالخلاصة أن النظرة ذكورية وليست شاملة. الرأي الشرعي الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء قال: لاشك أن الرجل والمرأة يستويان في الجرم الواقع منهما فإذا وقعت الفتاة أو الشاب في جريمة اخلاقية من الجرائم سواء المعاكسة او غيرها فإن الواجب على جهات الضبط الادارية من رجال الهيئة او الشرطة ان يتعاملون مع كل حالة بحسبها فالذي تحصل منه الزلة لاول مرة يستر عليه وتقال عثرته كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم». فمن حصلت منهم هفوة لأول مرة يبين خطؤه ويوضح سواء كان شابا أم فتاة او رجلا أم امرأة، اما تكرارها وكون فاعل الخطيئة من اصحاب السوابق فإنه لا تقال عثرته ويؤاخذ ولابد من الردع بالعقوبة. وأضاف: يظن البعض ان الإيقاع بالشاب في حين يستر على الفتاة وهذا ظن في نظري خاطأ وإنما ينظر عادة إلى سوابق الشاب فإن كان له سوابق تقام العقوبة عليه، أما في حال كونها لأول مرة فإن الواجب الستر. وقال: ربما يقبض على الشاب لأول مرة وتقام العقوبة ويستر على الفتاة، قد يحصل لكن ينبغي على رجال الضبط ان يتغاضون في المرة الاولى لمن وقعت منه هفوة تستوجب العقوبة التعزيرية البسيطة مثل المعاكسات فيؤخذ عليه تعهد ويطلق سراحه دون شوشرة أو اظهار لمثل هذا الامر هذا الواجب اما ما يقال بانه تقام على الرجال ولا يقام على النساء هذا مبالغ فيه والرجال والنساء سواء. الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ل«عكاظ»: الستر على الفتيات لعدم الإضرار بذويها الأبرياء في سؤال وجهته «عكاظ» لمعالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ عن مطالبات بعض الشباب المخطئين مساواتهم في الستر بالفتيات اللاتي وقعن في خطأ، أوضح معاليه أن الستر على الفتاة يتم مراعاة لحالها وما ينتج عن إلقاء القبض عليها من إضرار بالأبرياء من ذويها، لافتا إلى أن الضرر الواقع يتعدى إلى غيرها من ذويها وأسرتها. وقال: لذلك روعي هذا الجانب حتى لا يظلم بريء من أسرتها أو يعير بما وقعت فيه؛ إضافة إلى أنه يجب مراعاة عادات وتقاليد المجتمع، إذ أن المضرة ستطال الأبرياء في هذه الحالة ولذلك غلب جانب الستر، أما الشاب فمهما حصل فبحكم ما تعارف عليه الناس فإنه يحمل عيبه وما ينتج عنه ولا يتعدى للآخرين وينسى خطؤه. سائلا الله تعالى أن يحفظ الشباب والفتيات وكافة شرائح المجتمع من الوقوع في المحرمات التي نهى الله عنها في كتابه ونهى عنها رسوله صلى الله عليه وسلم.