أرهق تباعد المواعيد في عيادات الأسنان والأنف والأذن والحنجرة في المستشفيات الحكومية الكثير من المراجعين خاصة محدودي الدخل الذين لا يجدون مفرا سوى الانتظار من أجل الكشف الطبي، في وقت يضطر بعضهم للاستدانة للجوء للمستشفيات الخاصة، خوفا من تفاقم المرض. وما بين الميزانية المخصصة للصحة بمليارات الريالات، وبين طول المواعيد التي تكشف نقصا في عدد الأطباء والكادر الطبي، يدخل المراجعون في حيرة، خاصة الذين يراجعون المستشفيات من أجل تقرير طبي قد لا تتجاوز كتابته دقائق معدودات، ليصبح الانتظار بالشهور أمرا غير مقبول لا شكليا ولا ضمنيا. بندر جابر المزيني (26 عاما) موظف يعاني من ضعف في السمع والنطق، يراجع مستشفى الملك فهد حاملا خطابا من وزارة الشؤون الاجتماعية، وذلك بغرض طلب كشف وتقرير طبي توضح فيه الحالة حتى يتسنى له مرة أخرى توجيهه لإدارة الشؤون الاجتماعية وذلك لتوفير سماعة للأذن يستطيع من خلالها تحسين حاسة السمع، إلا أنه حسب قوله عانى الأمرين «فمنذ أقل من شهر وأنا أراجع المستشفى ذهابا وإيابا وما زالت الإجراءات فوق ظهر سلحفاة ولا أعلم سببا واضحا لهدر كل هذا الوقت والجهد، فأنا أعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة ومن المفروض أن تكون هناك معاملة خاصة لمثل حالتي، ولكن هيهات فشخص مثلي يعمل في شركة أهلية براتب لا يتجاوز ال3 آلاف ريال وأعاني ضعفا شديدا في السمع والنطق، من أين لي توفير سماعة للأذن كل عام تتجاوز قيمتها الألف ريال تقريبا، لذلك أطرح سؤالا: من هو المسؤول وراء هذا التأخير الطويل». وعلى الجانب الآخر، تعرض هادي صالح العجمي (متقاعد) منذ فترة لحادثة وقوع من أعلى سلم مما أسفر عن كسر مضاعف في القدم اليسرى «ولدى مراجعتي لمستشفى الملك فهد صدمت من تباعد المواعيد رغم أن حالتي تعتبر من الحالات الحرجة والطارئة نظرا لكبر سني، بالإضافة لأزمة المواقف التي أمام المستشفى فكم عانينا الأمرين من ناحية المواعيد والمواقف ولا حياة لمن تنادي»، مبينا أن هناك جوانب كثيرة سلبية تقابلها إيجابيات وتظل السلبيات تراوح مكانها، وكأن المسؤولين لا يعلمون ماذا يفعلون في سبيل التطوير. ولا يبتعد عودة الجهني (متقاعد) عن نفس المعاناة حيث يراجع منذ فترة طويلة عيادات الأسنان في مستشفى الملك فهد «عانيت كثيرا في ما يخص تباعد المواعيد، الأمر الذي يتعارض مع إصابتي بمرض السكر، والذي أثر كثيرا على أسناني، إضافة إلى كبر السن، ما يفرض المزيد من طول معاناة الانتظار من أجل الكشف الطبي وتعطل الكثير من المصالح، كما أن هناك نقصا في بعض الأدوية ونضطر لتوفيرها على حسابنا الخاص من خارج مستشفى الملك فهد». ورافق مخلص المخلص (موظف في إدارة جوازات جدة) ابنته التي لم يتعد عمرها ثماني سنوات، وتعاني من صديد شديد في الأذن «ولدى مراجعتي لمستشفى الملك فهد قسم الطوارئ تم تحويل ملف ابنتي لعيادة الأسنان التابعة للمستشفى، وبعد الكشف عليها قرر الطبيب المعالج أنها تحتاج لعملية زراعة أنابيب داخل الأذن لعلاج الصديد، وبالفعل بعد تحديد موعد قارب الشهر بين الكشف عليها وبين العملية، تمت العملية وبنجاح، لأجد نفسي في معاناة أخرى وهي طلب تقرير مفصل عن حالة ابنتي احتجته لتقديمه لجهة عمل زوجتي، علما أن زوجتي تعمل معلمة في نجران، وأنا أعمل في جدة، وبعد مراجعات كثيرة لإدارة المستشفى والدكتور المسؤول عن حالة ابنتي والتي تجاوزت مدة الشهرين تقريبا وللآن لم يتم الرد علينا، وعندما أتحدث للطبيب المسؤول يرد بطريقة غريبة ويماطل في منحي التقرير الطبي ولا أعلم سببا وراء هذه المماطلة». عدم تجاوب «عكاظ» بدورها حاولت التوصل إلى تعليق من الدكتور عبدالحفيظ خوجة مدير مركز الأسنان والأذن والحنجرة في مستشفى الملك فهد، ولكن لم نتلق التجاوب رغم المحاولات العديدة للتواصل معه.