جرح غائر فتحته واقعة رحيل الطفل صلاح الدين جميل على يد طبيب مهمل.. ترك ضحيته لمصيره قبل أن يهرب بجريمته إلى بلاده.. وفتح الرحيل الفاجع كل ملفات الأخطاء المميتة في مستشفيات خاصة وعامة لدرجة أن البعض ذهبوا يتساءلون هل أصبحت وزارة عاجزة عن إيجاد حلول نهائية تقضي من خلالها على مسلسل وحلقات تنامي الأخطاء الطبية التي حدثت وخلفت العديد من المآ?سي وأصابت المرضى بالخوف والذعر على خلفية القصص والحكايات والوقائع المرتبطة بهذه المسلسلات الطويلة والمملة التي اقتطفت حياة أبرياء ذهبوا بأقدامهم إلى المستشفيات وعادوا محملين موتى على الأكتاف. مراقبون محايدون يرون أن الأخطاء الطبية تحدث نتيجة انعدام خبرة وضعف كفاءة الأطباء في ظل تعاقد الوزارة مع أطباء أصحاب كفاءة ومواهب متواضعة بل متردية، ويطالب المراقبون بوضع حل عاجل وسريع لهذا المسلسل الدامي وحماية المرضى من رعونة وأخطاء بعض الأطباء. هيئة مستقلة رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئة في مجلس الشورى الدكتور محسن علي الحازمي يقول إنه دعا من قبل لإنشاء هيئة مستقلة لاعتماد المنشآت الصحية، وتقدم باقتراح للمجلس ورفع الأمر إلى الجهة المختصة، والفكرة تتلخص في إيجاد وإعداد نظام يتحرى عن الجودة النوعية لسلامة المريض والخدمات المقدمة له. ويضيف، أن النظام المقترح يؤكد على تحقيق مستوى معين من الجودة في المنشآت الصحية على أساس 800 عنصر يجب تكاملها من ناحية المباني والقوة البشرية والبرتوكولات الطبية أو مستوى العاملين.. إلخ.. يجب أن تتوفر كل هذه العناصر لكي يتم اعتماد إنشاء المستشفيات والهيئات الطبية. 800 مقياس ويواصل رئيس لجنة الشؤون الصحية في مجلس الشورى، أن النظام المقترح متكامل ويدعو إلى إنشاء هيئة مستقلة، ويضيف ليس من المعقول ولا من الموضوعي أن تقدم وزارة الصحة خدماتها ثم تقيم نفسها بعيدا عن أي جهة مستقلة، الهيئة تعتمد المنشآت الصحية على أساس توافر ال 800 مقياس ومعيار للجودة. ويضيف الحازمي أن المجلس الوطني لاعتماد المنشآت الصحية الذي يتبع لوزارة الصحة ليس لديه المصداقية، لذا يجب أن تتوفر لهيئة مستقلة معنية باعتماد المنشآت، وبين الحازمي أن الهيئة لم تأت من فراغ بل أسوة بدول العالم التي لديها هيئات صحية مستقلة. تخثر وصمت نماذج كثيرة لأخطاء فادحة وقعت على أبرياء أفقدت بعضهم حياتهم.. وأصابت آخرين بالعجز والصمت والشلل.. ولعل حالة الطفل عدنان (8 سنوات) أبلغ مثال، حيث أدى خطأ طبي في أحد مستشفيات عسير إلى عجزه عن الحركة والكلام بعد أن كان يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة. والدته تقول إن الطبيب المعالج لابنها أجرى أشعة مقطعية لرأس عدنان لزيادة الاطمئنان عليه، حيث ظهرت كدمة بسيطة، وطمأنها الطبيب أنها طفيفة وستحل مشكلتها ببساطة كونها مجرد تخثر بسيط بالدم ينتهي في أقل من خمسة أيام. وأضافت أم عدنان أن ابنها تعاطى دواء مميعا للكدمة لتذويب تخثر الدم البسيط في الرأس، وبعد خمسة أيام لم يعد الطفل قادرا على قضاء حاجته بل ساءت حالته إلى عدم القدرة على الحركة. انحلال فقاعي المواطن علوان الغامدي اتهم طبيب مستشفى الولادة والأطفال في الدمام في ما جرى لطفلته الرضيعة من خطأ طبي فادج أدى في نهاية الأمر إلى حدوث قطع في أحد الشرايين المؤدية إلى المرارة، بعد إجراء عملية جراحية خضعت لها الرضيعة لعلاج ثقب في المعدة ومداواة مرض يطلق عليه طبيا (انحلال البشرة الفقاعي). وفي حالة مماثلة أدت جرعة زائدة من المخدر أعطيت لشاب ثلاثيني تعرض للكسر في ساقه جراء حادث مروري إلى وفاته في أحد مستشفيات الرياض، بعد أن قرر الطبيب المعالج له إجراء عملية جراحية، وفي أحد مستوصفات جدة الخاصة لقي طفل حتفه على يد طبيب أجرى له عملية في الأنف والحنجرة وذلك بعد 24 ساعة من إجراء العملية على يد الطبيب العربي، الأدهى من ذلك الطبيب هرب إلى بلاده بتواطؤ مع أحد الإداريين في المستشفى. الجنين والأم ندى ذات (23 عاما) تسبب خطأ طبي لها في فقدانها الحركة والنطق وبلع الطعام بعد أن أجرت عملية جراحية في مستشفى في المدينةالمنورة ومكثت الضحية في العناية المركزة نحو 7 أشهر قبل أن يتم تحويلها إلى مستشفى التأهيل الطبي. وفي مستشفى بصامطة تسبب طبيب في قطع شريان وريدي صعب على الأطباء في المستشفى السيطرة عليه لفتاة عشرينية، وتدخلت الشؤون الصحية في جازان، ونقلتها إلى مستشفى الملك فهد، حيث أكد الأطباء عدم إمكانية إيقاف النزيف في الشريان؛ لأنه داخلي وحاد. وفي مستشفى آخر في ذات المحافظة، تسبب خطأ طبي في وفاة زوجة مواطن كانت حاملا بعدما شخص الطبيب المعالج حالة الزوجة على أنها ارتفاع في ضغط الدم وصرف لها أقراص الضغط، إلا أن العلاج سبب لها نزيف حاد قرر بعدها الأطباء إجراء عملية قيصرية لها إلا أن الجنين توفي أولا ثم لحقت به أمه. وتسبب خطأ طبيبة تعمل في مستشفى الولادة والأطفال في جدة في قطع حالب امرأة ثلاثينية، وأوضح شقيق المرأة أن أخته (ن) دخلت المستشفى لاستئصال ورم في الرحم وعند إجراء العملية الجراحية تم قطع الحالب. وأضاف أن المستشفى الذي أجريت فيه العملية لا يوجد فيه قسم للمسالك البولية، مبينا أنه تم تركيب أنبوب خارجي لشقيقته وتم إخراجها من المستشفى رغم المضاعفات التي لحقت بها. فشل ومقص أدت الأخطاء الطبية بمستشفى في بيش إلى حدوث ثلاث وفيات في أسبوع واحد، إذ قضت في الحالة الأولى معلمة إثر نقل دم ملوث، فيما كانت الحالة الثانية لمعلمة تقدمت أسرتها بشكوى إلى الشؤون الصحية في جازان بسبب تخبط في خطة العلاج تسبب في وفاتها وجنينها، والحالة الثالثة تعود لشاب ذهب إلى المستشفى جراء ألم في الضرس وخرج منها في غيبوبة تامة. وحالة رابعة مماثلة لشاب دخل في غيبوبة عميقة بعد جراحة في مؤخرة رأسه لتوسعة مجرى سائل النخاع. وفي حائل تعرضت مواطنة للإصابة بالفشل الكلوي ووفاة جنينها إثر نقل دم مختلف عن الفصيلة، وكانت المريضة العشرينية أدخلت المستشفى بعد نقص في حركة الجنين وبعد فحص الأم تبين أنها تعاني من فقر دم وتحتاج النقل والتعويض الدموي وتمت عملية نقل الدم للأم إلا أن طريقة النقل لم تكن صحيحة حيث نقل لها دم من فصيلة مختلفة، فأدى ذلك إلى وفاة الجنين داخل الرحم، متأثرا بعملية النقل الخاطئ، وإصابة الأم بفشل كلوي حاد، وتم إجهاض الحمل وإسقاط الجنين ميتا، وخرجت الأم بعد ذلك من المستشفى ليقرر الأطباء لها ثلاث جلسات غسيل دموي أسبوعيا في مستشفى الملك خالد في حائل. وفي مستشفى آخر في جازان نسي أطباء مقصا في بطن مريضة بعد إخضاعها إلى عملية استئصال للرحم .. شعرت السيدة بعد خروجها من المستشفى بآلام فقرر الأطباء إخضاعها لعملية أخرى ليعثروا على المقص في أحشائها.