يبدو أن سلسة القضايا بين عملاقي التكنولوجيا شركة أبل الأمريكية وشركة سامسونغ الكورية والمقامة في عدة دول، منها الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض الدول الأور,بية، لن تنتهي قريباً، حيث يدعي كل طرف باعتداء الطرف الآخر على براءات اختراعه المتعلقة بأجهزة الهواتف الذكية واللوحية المصنعة من قبل كل منهما، وذلك لمنع الشركة الأخرى من دخول وبيع منتجاتها في الدول المقامة فيها تلك القضايا وسحب الكميات الموجودة في الأسواق، بالإضافة إلى التعويض. وأصبحت الشركتان من أكبر الشركات العالمية في صناعة التكنولوجيا بفضل توفير الحماية لمنتجاتهما تحت أنظمة حقوق الملكية الفكرية، والتي منها أنظمة براءات الاختراع وحقوق المؤلف والعلامات التجارية وغيرها. حيث تعتمد الشركتان، وغيرها من الشركات، بشكل أساسي على تلك القوانين لحماية ابتكاراتها وأعمالها ومنتجاتها. وفي حال غياب التطبيق الفعال لأنظمة حقوق الملكية الفكرية، فإن تلك الشركات قد لا تحقق أرباح أو تفلس، بسبب اعتداء الغير على منتجاتها وانخفاض مبيعاتها. وبتأمل ما وصلت إليه الشركات الأجنبية الكبرى في مجال الابتكارات والاختراعات والتأليف وإنتاج الأعمال والمنتجات، التي غزت دول العالم بها، فإننا نجد أن مؤسساتنا وشركاتنا الوطنية غير ظاهرة على خريطة هذا المجال. ويرجع أحد أهم أسباب ذلك إلى ضعف الحماية الموجودة لدينا لحقوق الملكية الفكرية، حيث تصل نسبة القرصنة على المنتجات والأعمال المحمية بحقوق الملكية الفكرية في السعودية إلى (51 %)، وهذه نسبة عالية. ومن الطبيعي أن تحجم بعض المؤسسات والشركات الوطنية عن الاستثمار في مجال يحتاج إلى حماية حقوق الملكية الفكرية، في ظل ضعف الحماية وإمكانية تعرض أعمالها ومنتجاتها وغيرها للاعتداء. ويوجد لدينا أمثلة حية لشركات استثمرت في مجال إنتاج برامج الحاسب الآلي وغيره، وتعرضت بعض منتجاتها للاعتداء بالنسخ مما أدى إلى خسارتها وخروجها المبكر من السوق. وفي الجانب الأخر، فإن البعض يرى بأن تطبيق أنظمة حماية حقوق الملكية الفكرية سيصب في مصلحة الشركات الأجنبية لكونها هي المنتجة والمصدرة للمنتجات التي تتطلب الحماية، وليس مؤسساتنا وشركاتنا الوطنية، وبالتالي لا داعي لتوفير الحماية. وإن كان ذلك الرأي فيه شيء من الحقيقة، إلا أن ذلك سيجهض محاولات مؤسساتنا وشركاتنا الوطنية للاستثمار في مجال الاختراعات والابتكارات والتأليف وغيرها من المجالات التي تحتاج إلى الحماية، وسنظل دوما معتمدين على الشركات الأجنبية في تلك المجالات، بالرغم من أننا في أشد الحاجة إليها. إننا فعلا في حاجة للتطبيق الفعال لأنظمة حقوق الملكية الفكرية لتحفيز مؤسساتنا وشركاتنا الوطنية للاستثمار في مجال الاختراعات والابتكارات والتأليف وغيرها. وإذا لم نقم بذلك، فإننا سنظل دوما معتمدين على منتجات الشركات الأجنبية ومستوردين لها، وستهاجر العقول المفكرة ورؤوس الأموال الوطنية للدول التي تحمي تلك الحقوق. محام ومستشار قانوني [email protected]