نظريا وزارة العمل إلى جانب طرفي العمل صاحبه والباحث عنه هم الأطراف المعنية فقط بقضايا العمل تنظيما وتأهيلا ومواءمة بين الأطراف، لكن نظرة بسيطة على قائمة حافز تفصح بأن مايقارب ال 80 % في المئة من قائمته هن بناتنا وأخواتنا وزوجاتنا المنتظرات والمحاصرات من قبل أوليائهن أو مجتمعهن لمواصفات وظيفة قد لايجدنها إلا في الأحلام !! فقطاع التعليم يكاد يمتلئ بشقيه الحكومي والأهلي بالمؤهلات من نسائنا، والصحة ستصل عما قريب إلي نفس التخمة من الموظفات .. وهذان القطاعان لن يستوعبا كل النساء الباحثات عن العمل في بلادنا، ولذلك نصت الأوامر الملكية السامية على فتح منافذ جديدة لعمل المرأة، وعندما بدأت وزارة العمل في تأنيث محلات المستلزمات النسائية كأول تطبيق للأوامر السامية. تداعت بعض الأصوات إلى تخويف الناس، وتهويل الأمر عليهم، ووصم من يسمح لنسائه بالعمل في تلك المحلات بأوصاف مخجلة!! حتى أني ترحمت على نساء حينا القديم اللاتي كن يبعن في سوق العتيبية في مكة شرفها الله ، ولربما كانت إحداهن والدة أو جدة لإحدى هذه الأصوات كدحت في تربيته ولم تتوقع في يوم ما أن يأتي من أبنائها من يتهم أخلاقها أو دينها !! بل إني ترحمت على والدي رحمه الله وهو يروي عن نساء قريته الجميلة اللاتي كن يرعين ويسقين ويزرعن ويبعن ويشترين زينتهن وحاجياتهن من سوق القرية..هكذا كانت الفطرة منذ قبل الإسلام وبعده ..ولم يعب الناس على المرأة إلا مايعيبها حقا!! فما الذي أوصلنا لمرحلة قللنا فيها من نخوة وشيمة رجالنا ، وسفهنا فيها أخلاق وعفة نسائنا !! فما قد حسبته تلك الأصوات وبالا، ها قد أصاب قدرا من النجاح في التوطين والأرباح ..وفتحت منافذ الرزق لمن فضلن أن يعملن بشرف في زمن توفرت فيه كل وسائل الكسب غير الشريف. فلم تنهر أخلاقنا والحمدلله ، ولم نفقد غيرتنا التي فطرنا عليها.!! ولكن هل يكفي هذا .. لا بالطبع لن يكفي !! فعلى المجتمع أن يحسم خياراته كما حسمها في فتنة التعليم قبل مايقارب الخمسين عاما... فوزارة العمل ليست وحدها في الساحة، ولايجب أن تترك لوحدها!! فالقضية ليست فرصا وظيفية تطرح وقوانين تسن لعمل المرأة وحمايتها فقط، بل هي رغم أهمية ماسبق خيار مجتمع ودولة ومؤسسات عليهم جميعا أن ينقذوا ملايين النساء ، ليحددوا هل تكون المرأة شريكة فعلية في إنتاج التنمية أم تظل عشرات السنين في انتظار وظيفة تعليمية قد لاتأتي!!.